&&طلال عبدالكريم العرب&

كثيرون هم الذين هللوا ببدء عملية دعم تركيا للجيش الحر ضد داعش، بالتنسيق مع أميركا وروسيا، ولكن لا أحد تساءل لماذا لم يدعم الجيش الحر الا الآن؟ لماذا لم يدعم الجيش الحر منذ أربع سنوات؟ لماذا لم يدعمه قبل تدمير المدن والتاريخ السوري؟ وقبل تشريد نصف السوريين، وقتل مئات الآلاف منهم؟

فقد كان تحرير جرابلس من أيدي «داعش» سريعا وحاسما عندما أرادوا له ذلك، تماما كما يحصل الآن للمدن العراقية التي يفقدها «داعش» يوميا، وبسهولة عجيبة أيضا، وهذا ما يثبت أن «داعش» ما هو الا أداة بيد القوى الإقليمية والغربية، كل يستفيد منه على طريقته، وبما يخدم مصالحه، فادعاء إيران محاربتها لـ«داعش» هو باعتقادنا تثبيت لتواجدها في العراق، ولتركيا وسيلة لضرب الأكراد، ولبشار سند لأنه يحارب الجيش الحر، أما لإسرائيل ولغيرها فـ«داعش» هو الأداة المناسبة لتقسيم بلاد الشام والعراق، وليس لتوحيدها كما يدعي «داعش».

كان السيد أردوغان غاضبا جدا، أو هكذا ربما أراد لنا أن نفهم، بسبب ما أعلن عن تواطؤ بعض الجهات الخارجية في محاولة الانقلاب عليه، وقد يكون أحد أسباب غضبه رفض انضمامه للاتحاد الأوروبي، وقد يكون لتلكؤ أميركا تسليمه المعارض القوي فتح الله غولن، الا أن غضبته كانت متمادية الى أبعد الحدود من وجهة النظر العربية، ومع أن تقاربه المعلن مع روسيا وإسرائيل سبقا الانقلاب بفترة وجيزة تدعو للاستغراب، فانه ما لم يكن في الحسبان تقاربه مع النظام الإيراني وتابعه السوري، فقد كان تقاربا صاعقا لأنه تم على حساب الشعب السوري الذي يواجه وحده القوة الروسية والإيرانية والحكومية يوميا.

ولكن لماذا العجب؟ فهناك أمور تقض مضاجع أردوغان، وبالتأكيد ليس من ضمنها الأحزاب المهرولة وراءه، وليس الشعب السوري ولا حتى الشعب الفلسطيني، ما يقلق أردوغان هو نية الأكراد السوريين وليس الأكراد الأتراك، تكوين حكومة فدرالية تحاذي حدوده، وتثير الشعور القومي لأكراده، وهو بالضبط ما يقض مضاجع ساسة إيران.

نقول، أردوغان رجل دولة محنك ويتعامل مع ما تواجهه بلاده كرئيس دولة، وليس كزعيم حزب كما فعل محمد مرسي، مصالح أمته وقومه أهم من أي اعتبار، وأهم من أي حزب أو شعار، وها هو لعبها بطريقة صحيحة، فهو من جهة حصل على التأييد الأميركي والصمت الروسي في محاربته للأكراد، ومن جهة أخرى كسب سمعة طيبة عند المغيبين عندنا بمساعدته للجيش الحر الذي حرر له جرابلس من «داعش» وأبعد عنها الأكراد.

&