& &الياس الديري&

واقعياً، وبكل موضوعيَّة ودقة، لولا وجود الرئيس نبيه بري في هذه المراحل الصعبة والكثيرة التعقيد والخطورة لكان لبنان اليوم في وضع لا يُحسد عليه.

صحيح أنه بلا رئيس جمهورية. وتقريباً بلا حكومة، وبلا مجلس نواب. إلا أن مقرَّ عين التينة يكاد يقوم مقام كل هذه المؤسسات. الجميع يهرعون الى هناك، وزراءً، ونواباً، وسياسيّين، وزائرين، وكبار الموظفين، وكل ذي حاجة أو صاحب قضية معقَّدة.

الى درجة أن كثيرين يصرحون في مجالسهم بأن وجود الرئيس بري في هذه الفترة الحرجة يُحسب من حظ لبنان واللبنانيين، ومن دون أية مبالغة.

لا حلول، ولا تسويات، ولا فضّ خلافات، لولا تدخّل رئيس المجلس بأسلوبه السلس الهادئ، والمقنع في معالجته للمشكلات والتعقيدات. سواء بين كبار المسؤولين والوزراء والنواب والموظفين، أم بين كبار السياسيين والقادة والمرجعيات:

- الى أين الشباب؟

- الى عين التينة.

- وين كان الوزراء؟

- في عين التينة.

- أين يجتمع المتحاورون؟

- في عين التينة، وبحضور الرئيس بري...

ولا يخطئ الذين يقولون إن نبيه برّي اليوم يقوم مقام الدولة والمؤسسات الدستورية، سواء في فض الخلافات والاشكالات، أم في ايجاد الحلول والمخارج للتعقيدات الدستوريَّة والقانونية.

من هنا قول كثيرين: لو لم يكن برّي موجوداً، لكان لبنان في مأزق كبير ومصيري...

ومع ذلك تسمع رئيس المجلس يصارح زائريه وقاصديه أنه ليس "ولّادة مبادرات لكي يلد واحدة كل حين".

من هنا إشارته الأخيرة الى أنه يعتزم أن يدق ناقوس الفراغ، والتحذير في المقابل من مغبَّة استمراره... وهدم الهيكل فوق رؤوس الجميع".

ومثل هذا التحذير، هذا الانذار، سيسمعه اللبنانيون اليوم في خطابه في ذكرى تغييب السيد موسى الصدر. ولن يتردّد في الذهاب بعيداً بمصارحته الناس أجمعين.

بل سيضيء، بصراحة ووضوح تامَّين، على تعاظم مخاطر الفراغ الرئاسي، "حتى أنه بلغ مستويات تتهدَّد السقف الوطني بالانهيار".

ولن يكتفي بهذه الاشارة المباشرة، بل سيدعو اللبنانيين بكل فئاتهم وانتمائاتهم "الى انقاذ المركب الوطني قبل أن تبتلعه رمال الفراغ المتحرِّكة، والمتمدّدة في أكثر من اتجاه رئاسي، ونيابي، وحكومي، ومؤسّساتي، واقتصادي، واجتماعي، وبيئي وصحي وحياتي".

هكذا يمكن التأكيد أن بري يضع جميع المكوّنات اللبنانية أمام مسؤولياتها في الملف الرئاسي.