خالد السهيل&

لا أتفق مع من يطالب بتجاهل الانتقاص من المملكة والتشكيك في حضارتها، وكأنها بلد طارئ بلا تاريخ. هذه الدعوات إلى التسامي عن الرد وإلقام من يتشدقون حجرا، مسألة لا تسوغ في هذا العصر الذي تؤثر فيه الكلمة، ويعتبر البعض أن الصمت ضعف.&

إن الطرح العنصري المسكون بصلف ما يسمى بدول المركز، تجاه دول الجزيرة العربية، يرتبط برؤية تستقر في الذهنيات الشعوبية منذ زمن طويل.

&

وقد ترافق مع ذلك طرح غبي يتعلق بالإلحاح على إطلاق مصطلح ثقافة النفط، واعتبار أن القيمة الوحيدة التي تتكئ عليها دول الخليج العربية تتمثل في امتلاكها النفط.

&

هذا الطرح الموغل في السذاجة، ينسى أن الجزيرة العربية وفي مقدمتها السعودية التي تشغل المساحة الأكبر، تتكئ على إيقاع وفعل حضاري يمتد على مدار الحقب التاريخية. وهناك تواصل وحراك حضاري تظهر بصماته في الرسوم الصخرية الأقدم في العالم في حائل، وفي العلا حيث مدائن صالح، وفي سواها من المواقع التي تؤسس لحضارة تمتد من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، إذ إن السعودية كانت ولا تزال مهد حضارات عريقة وقد تم تتويجها وتشريفها بظهور الإسلام في أرض الجزيرة العربية، ومنها انطلقت الموجة الحضارية الإسلامية التي امتدت إلى مختلف أرجاء العالم. كما أنعم الله عليها بالنفط فاستفادت منه في إكمال بنية تنموية استفادت منها البلاد، وفاض خيرها إلى الأشقاء والأصدقاء.

&

وعندما يأتي موتور يبخس الجزيرة العربية حقها في التأثير الحضاري، وهو يزعم أنه يتوخى الموضوعية، فإنه في الغالب ينحاز للجانب الشخصي والنفعي الذي يحركه.

&

ولقد كانت هذه الجوانب النفعية ولا تزال تصوغ خطابات كثير من مثقفي الشنطة، الذين اعتادوا على الابتزاز والاستجداء، وهم عادة لا يمنعهم الحياء من اعتياد الجور والكذب والفجور في الخصومة لأنهم يعتقدون أن تلك الممارسات تحقق لهم ما يرغبون فيه، إن لم يكن من الطرف الذي تتوجه له سهام النقد، فإنها تأتي من طرف آخر يستفيد من مثل هذا النقد.

&

لقد انتهت الحقبة التي يتغول من خلالها بعض مثقفي الشمال على الخليج العربي، بل صار الأثر الأكبر في الثقافة والإعلام والحضارة منبعه الخليج العربي، ولم يعد للأصوات الموبوءة بأحقادها سوى محاكاة الواقع والتخلف الذي يكرسونه بخطاباتهم التي لم تعد ذات جدوى.