&خالد أحمد الطراح&

تسخن بشدة الانتخابات الأميركية هذه الايام بين المرشحين للرئاسة، وانحصرت بين مرشح يغازل مشاعر المواطنين الاميركيين ويرهبهم من الارهاب ويعلن استعداده لقطع العلاقات مع الدول التي يتصورها المرشح انها مصدر للارهاب، في الوقت نفسه يركز على تضخيم نقاط ضعف المنافس الآخر! بينما المرشح الآخر يتمادى في غزل سياسي لاسرائيل من اجل حصد اصوات اللوبي الاسرائيلي، وشن هجوما قاسيا على بعض الدول العربية والاسلامية، بينما مرشح آخر يستخدم لغة اخف حدة من الآخر، ولكن اللغة المشتركة بين المتنافسين هي خطاب الى الشعب الاميركي الذي حتى لو ازداد صراخا في التأييد او الاعتراض، لا تصل المعركة رغم قسوتها الى خصومة شخصية.

سلاح الخطابة يصل الى درجة التجريح السياسي واحيانا الى التشكيك بالنزاهة، وتنتج عنه تعهدات بينها معقول وآخر غير معقول، لا شكلا ولا موضوعا، وهو سلاح فعال في نظام ديموقراطي يستوعب الجميع ويتيح لهم حرية الرأي المطلقة، وهو ما يميز ذلك النظام.

مناشدات تنطلق بأن مرشح الحزب الديموقراطي افضل بمرئياته، بينما مرشح الحزب الجمهوري يبدو كأنه في حالة هذيان مستمر، الى درجة مضحكة مبكية في آن واحد، فهو لا يطرح سياسات ولا يتعامل مع قضايا الاقتصاد ولا التعليم ولا العمل، فكل ما يقوله ان لديه خطة ستجعل اميركا اقوى! كيف؟! لا احد يعرف لا الحزب ولا الاعلام ولا الناخب نفسه، ورغم ذلك يبدو ان تدليك المشاعر ودغدغتها على محاور مختلفة قد تنجح حتى في الدول الديموقراطية.

طبعاً، الاقتصاد يلعب دورا محوريا في اللعبة السياسية او التنافس الانتخابي بين صوت يدعي النهوض بالاقتصاد الاميركي بشكل غير مسبوق، وصوت آخر يدعي ان اميركا ستقفز على يده وليس على يد سواه.

الانتخابات الاميركية رغم سخونتها وقسوتها تظل تحت مظلة القبول بالرأي الآخر وحرية التعبير في ظل نظام حزبي ديموقراطي يتناول جوانب الحياة المختلفة، وهو نظام ترعرع على حملات انتخابية تعمل بموجب اسس اعلامية وسياسية حتى لو كانت تتضمن وعودا مفرطة في الخيال، ولكنها تظل وعودا ضمن الحملة الانتخابية، وتخضع للمساءلة من الناخب والحزب بعد انتهاء الانتخابات.

في الكويت، على الرغم من الديموقراطية الدستورية، فاللعبة السياسية تختلف فيها عن مثيلتها في أميركا، حيث تسيطر المصالح والمشاعر على الوضع الانتخابي كقاعدة في هذه العملية، اضافة الى تطاير الاشاعات المغرضة التي تدخل احيانا فيها اطراف رسمية وشخصيات سياسية واقتصادية من اجل مصالح معينة ومقابل مشاريع آنية ضيقة تستفيد منها مجموعة ما على حساب الوطن والشعب ككل.

الأمر الأهم الغائب عندنا هو الوعي الجماهيري بحقوق وواجبات المواطن في مساءلة المرشحين ومحاسبتهم حتى بعد نجاحهم، فالساحة الانتخابية تسيطر عليها في معظم الاحيان المحاصصة والقبيلة والفئوية، وغالبا بمباركة حكومية تتجسد في دعم خفي لبعض المرشحين، فيما يستمر النهج الرسمي في المحاصصة ايضا في التشكيلات الوزارية!

من المحزن ان تترسخ هذه الظاهرة في المشهد السياسي الى امر عام ومتكرر، يرسخ اليأس والاحباط عند الاغلبية الصامتة التي تبحث عن مستقبل واعد لكويت الديموقراطية الدستورية وتفخر بمكتسبات دفع ثمنها الاجداد بأرواحهم وصمودهم مقابل ما نتمتع به اليوم، على الرغم من التغيير في النظام الانتخابي.

من المحزن ايضا ان تأثير ذلك في العقول والنفوس سيقود الى اللامبالاة والى انكماش حرية التعبير وتراجع منابر الاعلام عن دورها الوطني.

المسؤولية الكبرى تقع على المواطن الناخب، فإما الوطن ومستقبل الكويت على المدى الطويل، وإما مصلحة الطائفة والفئة والمنفعة الشخصية الآنية على المدى القصير.

&

&