&سعيد الحمد&&

في الوقت الذي كانت فيه محكمة الاستئناف في البحرين تقضي بعدم قبول النظر في دعوة استئناف الحكم بحل الوفاق كانت محكمة الجنايات بالكويت تصدر حكمًا بحبس عبدالحميد دشتي 11 عامًا ليصبح مجموع الأحكام الصادرة بحق المذكور 25 عامًا.

وفي الحكمين المتزامنين مؤشر إلى أن التسامح وسعة الصدر ومحاولات التهدئة وأسلوب النفس الطويل والتحلي بالصبر لا يعني تعطيل مهام السلطات القضائية وتهميش دورها في ضبط الأمور وفق العدالة الدستورية.

وهو ما لم يفهمه الطرفان الصادر بحقهما الحكم المذكور، وقد فسرته الوفاق وجماعاتها وفسره دشتي ومجموعته تفسيرًا ورطهما، حين فسرته الأطراف المذكورة على أنه «خوف وتردد وخشية من الجهة الإقليمية التي تدعمهما وتقف وراءهما» فقطعًا في تحدي القوانين والخروج على الدستور والاعراف حتى آخر الشوط.

وإذا كان التسامح صفة محمودة معروفة من صفات قادة المنطقة، وإذا كانت سعة الصدر عنوانًا من عناوين أسلوب قادتنا في الخليج العربي، فهذا لا ينبغي بل لا يجوز فهمه وتفسيره على نحو استعلائي مشحون بشحنات غرور واستعلاء من الطرف الذي استفاد من مساحات التسامح وسعة الصدر فأراد استغلالها بأسلوب يسيء إلى شعوب المنطقة ويتطاول على قادتها بسوقية بذيئة «دشتي» أو يمزق وحدة المجتمع ويشق الصف الوطني ويفتت مكوناته بإثارة النعرات الطائفية المقيتة «الوفاق».

وهكذا كان لابد من أن يأخذ القانون مجراه ويضع القضاء العادل حدًا لهذا الطيش الطائش والنزق الخطير وقد بلغ ذروته وتجاوز حدود الاحتمال وبات يقرع أجراس الدمار في المجتمع.

في مداخلة شخصية لي مع «إذاعة مونت كارلو» وفي رد على سؤال مذيعة النشرة الاخبارية بشأن ما صدر عن محكمة الاستئناف من منطوق برفض النظر في دعوة الوفاق «ان البحرين مثلها مثل أي بلد آخر في هذا العالم تحكم وفق قوانينها ودستورها» وهذا يعني فيما يعنيه أن مرجعية أحكامنا وقضائنا هو دستورنا وقوانيننا، ولا نحكم وفق قوانين ودساتير من الخارج ولا نستمزج آراء خارجية في أحكامنا شأننا شأن البلدان الأخرى التي تطبق قوانينها حتى مع الأجنبي في بلادها.

ودستورنا الذي يتعرض طوال الست سنوات الاخيرة لهجوم أطراف بعينها وتنال منه على نحو غوغائي مسطح، أقسم عليه وعلى صيانته قادة وأعضاء بارزون من «الوفاق» نفسها وخلال دورتين برلمانيتين متتابعتين.. فلماذا يتناسى هؤلاء ذلك القسم الموثق صوتًا وصورة؟؟.

أما القوانين التي يصدر قضاؤنا العادل أحكامه وفق موادها ونصوصها فهي ذات القوانين بنصها وفصّها التي مارس فريق محامي الوفاق عملهم في المحاماة وترافعوا أمام القضاء وكسبوا رزقهم طوال سنوات وسنوات عديدة وفق نصوصها وموادها وحيثياتها.

وعلى المستوى الشعبي البحريني العريض والواسع لم يعد السؤال ماذا قالت او ستقول دكاكين «الحقوق» الأجنبية المشبوهة، فمثل هذه الدكاكين بارت بضاعتها وكسدت تجارتها، فالشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، وهذا ما فعلوه بدكاكينهم التي دست أنفها الطويل في كل شاردة وواردة تحدث في بلادنا وأدارت اسطوانتها في كل محفل ومكان حتى انشرخت وصارت تصدر أصواتًا نشازًا أزعجت حتى من كان في السابق يستمع لها في عواصم خارجية أجنبية معينة.

وهل نشير إلى أن التدخل في أحكام أي بلد من البلدان والمس بقضائه وأحكامه هو تدخل وهو مس بسيادة ذلك البلد؟؟ لقد أشرنا وأشرنا مرارًا وتكرارًا إلى ذلك، ولكنهم يرددون بينهم همسًا «إذا لم نتدخل فماذا سنفعل هل نغلق دكاكين نرتزق ونتعيش من ورائها؟؟» تلك هي المسألة، وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان.