&سميح صعب

&تعتقد واشنطن أن انتصارها في العراق سيجعل سوريا جائزة ترضية تلقائية. ولهذا يحشد الرئيس باراك أوباما من أجل معركة الموصل ويماطل في التوصل الى اتفاق نهائي مع الروس في سوريا أملاً في كسب الوقت ريثما ينتهي من "داعش" في العراق مما يسهل عليه أو على من سيخلفه في البيت الابيض أوائل السنة المقبلة، المهمة السورية.

ولكن من قال أن موسكو ستخلي الساحة للولايات المتحدة حتى اذا انتصرت الاخيرة في العراق؟ فروسيا أثبتت بعد عام من تدخلها العسكري في سوريا أنها قادرة على الاقل على منع الأحداث من الإنزياح لمصلحة الولايات المتحدة. وإذا كانت روسيا غير قادرة على الحسم فإنها على الاقل جعلت المهمة الاميركية أشدّ صعوبة. ومرارة أوباما كانت واضحة عندما وضع تعاظم الدور في سوريا وأوكرانيا وأماكن اخرى من العالم في اطار "محاولة استعادة المجد الضائع بالقوة".
وتعمد الولايات المتحدة الان الى توظيف معركة العراق في خدمة مصالحها في سوريا. وهذا يفسّر الكثير من أسباب تردد واشنطن في دخول شركة مع روسيا ضد التنظيمات الجهادية في سوريا. وربما كان الكلام عن عدم قدرة أوباما أو وزير خارجيته جون كيري على تسويق اتفاق جنيف لوقف النار في سوريا، لدى وزارة الدفاع، من قبيل الذريعة للانسحاب من الاتفاق أو تحسين الشروط الاميركية فيه.
ولا ترى أميركا في سياق صراعها الاوسع مع روسيا أن نسج شركة عسكرية وأمنية مع روسيا في سوريا تصب في مصلحتها، بينما تأمل في ان تكون سوريا ساحة انهاك لروسيا وايران و"حزب الله" ولكل القوى التي تقف في المعسكر المناوئ للولايات المتحدة. وأي تعاون عسكري اميركي - روسي يعجل في نقل الساحة السورية الى الاستقرار. لكن هذا ما لا تريده واشنطن ما دام لروسيا حضور قوي في سوريا أو ما دامت تطمح الى الاحتفاظ بنفوذها التقليدي في هذا البلد.
وتحاول واشنطن الاستفادة ايضاً من الورقة التركية كعامل ضغط على روسيا. فالتدخل العسكري التركي في إطاره العام يصب في مصلحة اميركا وإن بدا أن ثمة تناقضاً لدى الاقتراب من الملف الكردي. لكن عوامل التقاطع هنا أكبر من عوامل الافتراق.
وبناء عليه، يصير التعجيل في الحسم بالعراق مطلباً اميركياً بامتياز على النقيض مما هو مطلوب في سوريا. إلا أنه ليس بالضرورة ان تمضي الاحداث في الوجهة التي تشتهيها الولايات المتحدة . ومن هنا الرهان الروسي على الميدان السوري ايضاً.