&&سلطان محمد النعيمي&&

إذن هدأت موجة النقد والهجوم الإعلامي من قبل النظام الإيراني تجاه المملكة العربية السعودية بعد موسم الحج.

هل تعتقدون ذلك؟

للوصول إلى مقاربة لهذا الطرح يتوجب بداية معرفة المغزى الحقيقي من تلك الهجمة الإعلامية من قبل النظام الإيراني.

بداية في حج الموسم السابق وقعت أحداث التدافع في معشر منى ما أدى إلى استشهاد الكثير من الحجاج. وهنا نقول الحجاج، أولئك الذين جاءوا إلى بيت الله العتيق يحملون هُوية واحدة تجمعهم هي هُوية الدين الإسلامي، لهم جميعًا ما لهم وعليهم جميعًا ما عليهم من الانضباط والالتزام بتعاليم الحج.

لا فرق بين هذا وذاك. هذا ما استوعبه وأدركه الجميع.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن المملكة العربية السعودية ووفقًا للمهنية فتحت تحقيقًا في الأمر للوصول إلى أسباب ذلك التدافع. وحتى يستخلص الفريق المكلف النتائج، استمر الفريق الآخر في إسعاف الجرحى والتعرف على الوفيات وتحديد هويتهم.

الهدوء المتزن تشهده العواصم ذات الصلة، ويصبح همها الأول التأكد من سلامة حجاجها ومعرفة ما إذا كان أحدهم كان في ذلك التدافع.

ولكن مهلاً، يطل علينا أحد القراء ليقول لم يكن الأمر كما جاء في الأسطر السابقة، هل تناسينا ما قام به النظام الإيراني في تلك الفترة؟

وهنا نعود لما بدأنا به هذه المقالة.

قراءة النظام الإيراني لما حدث ما هو في واقع الأمر إلا سلسلة وحلقة من حلقات خطة استراتيجية تسعى المنظومة الإيرانية بجميع أجهزتها ومؤسساتها لتحقيقها.

وما هي يا ترى؟ يتساءل قارئ آخر.

لمعرفة ما هي تلك الخطة دعونا نرى ما هو مبتغى النظام الإيراني في المنطقة؟

الإجابة ليست معضلة على الإطلاق فهي واضحة من خلال التصريحات القادمة من النظام الإيراني، وبالتالي فلا يوجد تجنٍ في الأمر. السعي إلى الظهور على أنها الدولة الإقليمية والمحورية في المنطقة. فهي كما يقول أحد مسؤولي النظام الإيراني باتت الدولة التي لا يمكن تجاوزها في المنطقة.

الدولة الوحيدة كما يقول وزير الخارجية الإيراني القادرة على محاربة الإرهاب والاعتماد عليها، وفي المقابل تأتي السعودية في منظور الحرس الثوري على أنها داعمة للإرهاب.

القارئ لما يجري في المنطقة يدرك من خلال تصريحات النظام الإيراني تجاه السعودية أن هذه الأخيرة تشكل بالفعل حاجزا في وجه الطموحات الإيرانية في المنطقة. وهو ما يدفع باستمرار إلى البحث عن الوسائل التي تدفع باتجاه التأثير سلبًا على المنافس الإقليمي.

ما حدث في مشاعر منى في موسم الحج السابق، يجب أن لا ينظر له على أنه منطلق لقراءة موقف النظام الإيراني واستغلاله سياسيا، بل إن النظرة الشاملة ترى أن رد فعل النظام الإيراني واستمراره وعودته من جديد قبيل وأثناء موسم الحج لهذا العام، ما هو إلا سلسلة لهدف رئيسي وهو النيل من المملكة.

إعدام المواطن السعودي نمر النمر ومن قبله تفجيرات الخبر وسبقتها أحداث ما بعد ثورة عام 1979، تعطي مؤشرا للإجابة عن عنوان هذا المقال وهو «ما بعد التوظيف السياسي للحج».

ما بعده يأتي وفقًا لما قبله. استمرار في الهجمة الإعلامية والتي لن تقتصر على مؤسسات النظام الإيراني التابعة للمرشد فقط، بل ستطال، وقد طالت بالفعل الحكومة الإيرانية التي رفعت شعار التقارب مع دول المنطقة وعلى رأسها السعودية. تجلى ذلك في مقالة وزير الخارجية الإيراني وتغيرها الجذري عن مفردات المقالات التي كتبها ظريف في السابق. وكذلك ما جاء به الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

تذكر معي أيها القارئ العزيز كيف أن النظام الإيراني كان بداية يستخدم الإرهاب في وصفه لـ«القاعدة»، ثم يقرن الإرهاب بالفكر التكفيري، ليعود بعدها ليربط الفكر التكفيري بالتيار السلفي، وينتهي به المطاف ليربط الفكر التكفيري بالوهابي. وها هو النظام الإيراني لا يتوقف في إرسال هذه الرسائل من المؤسسة الدينية فحسب، بل تبث تلك الرسائل من الأجهزة الدبلوماسية وخير دليل على ذلك مقالة وزير الخارجية الإيراني.

حين تأتي تلك المصطلحات من النظام الإيراني ويوظفها وفق قراءته فإن الأمر مفهوم. وحين يبدأ الإعلام الغربي في استخدام تلك المصطلحات، فإن الأمر مؤداه نشاط قوي من قبل النظام الإيراني لبث تلك الرسائل في مقابل تقصير من الإعلام العربي.

ولكن أن نبدأ في رؤية هذه المصطلحات واقترانها ببعضها كما يقدمها النظام الإيراني بين كتابنا العرب، وإقران الإرهاب بالتيار السلفي والوهابي من دون تمعن ونظر في خطورة مثل ذلك الاستخدام نصل إلى تساؤل مُلِح مفاده:

النظام الإيراني سيستمر في هجومه وهو أمر واقع، فهل نأتي وسائل لتحقيق غايته دون وعي وإدراك منا؟

هل تعتقدون ذلك؟

&&

&