&سمير عطا الله&&&

قالت «الغارديان» إن مجموعة من العلماء الدنماركيين توصلوا في أبحاثهم إلى أن الحضارة الأقدم على وجه الأرض هي سكان أستراليا الأصليون، «الأبورجنيز». وأكدت فحوص الـ«دي إن إيه» أن هذا الشعب مستمر في الحياة منذ 50 ألف عام، بصرف النظر عن رأيك في معالمه أو «حضارته».

وإذا ثبُت هذا الاكتشاف، نكون قد خسرنا الأولوية التاريخية في العراق، وفي مصر، مع العلم أنه لا يمكن أن نخسر مرتبة الحضارتين وآثارهما إلى أي كان. وفي الماضي كان علماء التاريخ حائرين ما بين أولوية بابل ونينَوى، من جهة مصر ومن جهة أخرى. وقد عرفت بلاد ما بين النهرين ثلاث حضارات كبرى؛ هي السومَرية والبابلية والآشورية. وكان السائد في السابق أن المصريين هم أول من يملك مكونات ما يمكن تسميته بالحضارة، من مُدن وتجارة وملوك وأشراف ومعابد وكهنة وإداريون وفنّانون وكتابات وقُدرات تقنية.

غير أن المؤرخ إي إتش غومبريتش يقول إن الاكتشافات الحديثة تُظهر أن السومَريين سبقوا المصريين، إذ تعود بعض آثارهم ومعابدهم إلى 3100 سنة قبل الميلاد. وداخل إحدى هذه الآثار، عُثر على خرائط مدينة أورْ، حيث ولد أبو الأنبياء إبراهيم. كما عُثر على عدد كبير من المدافن التي يبدو أنها شيدت في الزمن الذي أقيمت فيه الأهرام. لكن فيما كان هرم إمحوتب خاليًا، كانت هذه المدافن مليئة بأشياء مدهشة من المصنوعات الذهبية كالخوَذ والخناجر والأواني والأحجار الكريمة. وعثر فيها أيضًا على قيثارات ضخمة مزينة برؤوس الثيران، إضافة إلى طاولة للعب النَرد. وقد نُقلت هذه المكتشفات، لحسن الحظ، إلى المتحف البريطاني وجامعة بنسلفانيا، ولا نعرف ماذا حدث لتلك التي بيعت في متحف بغداد، الذي نُهب منذ الأيام الأولى للاحتلال الأميركي.

وبدل الكتب المصنوعة من ورق البردي عند المصريين، ففي العراق، اكتُشفت ألواح محفورة كُتبت عليها بعض الصفقات التجارية، ولوائح لبعض البضائع. ويبدو أن السومريين كانوا تجارًا كبارًا قبل البابليين والآشوريين. إذ إن تجارهم عرفوا الحساب، كما كانوا يميّزون بين ما هو قانوني وغير قانوني. أما البابليون والآشوريين من بعدهم، فقد كانوا مهرة ومجتهدين، غير أنهم لم يرسموا صورًا فرحة كالمصريين. وتظهر تماثيلهم وحَفائِرَهم الملوك يصطادون في البراري، أو القبائل الغريبة تفر من مقاتليهم على عربات، أو أيضًا تُظهر مقاتليهم يهاجمون القلاع والمحميات. ويبدو أن البابليين والآشوريين كانوا يعبدون الشمس والقمر والنجوم. وأطلقوا أسماءً معينة على المجرّات، كما نفعل اليوم عندما نقول الدبّ الأكبر. غير أنهم كانوا يقيسون حركة الأفلاك على أساس أن الأرض مسطّحة.

&&