& من كان يعتبر بمثابة «الصندوق الأسود» لفتح الله غولن المتهم بقيادة محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا، بات اليوم بمثابة «الرجل الخفي» بعد فشل السلطات التركية في القبض عليه بعد مرور أكثر من شهرين على الملاحقة والمتابعة الاستخبارية والأمنية التي تحولت إلى ما يشبه مطاردة الأفلام البوليسية.

عادل أكسوز، الذي تتوقع السلطات التركية أنه الذراع الأيمن لغولن وكان على علم بكامل مخططات محاولة الانقلاب التي جرت منتصف يوليو/تموز الماضي، ما زال مختفياً عن الأنظار بعد الإفراج عنه بعد أيام من اعتقاله داخل إحدى القواعد العسكرية يوم الانقلاب، في حادثة أضافت مزيد من الغموض والتساؤلات حول الرجل الذي بات حديث المواطنين ووسائل الإعلام التركية. وفي تفاعل جديد للقضية، ألمح زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي أكبر أحزاب المعارضة إلى أن عادل أكسوز هو أحد عملاء المخابرات التركية متسائلاً عن سبب الإفراج عنه بعد اعتقاله، لكن وزير العدل التركي باكير بوزداغ نفى هذه الأنباء في لقاء تلفزيوني، الأربعاء، معتبراً أن أكسوز هو أحد أبرز قادة الانقلاب وما زال مختفيا عن الأنظار.

بدأت القصة في ليلة محاولة الانقلاب، عندما تمكنت السلطات التركية من توقيف أكسوز المعروف بـ»إمام القوات الجوية» لدى جماعة غولن، أثناء تواجده في قاعدة أقنجي العسكرية في العاصمة أنقرة التي اتخذها الانقلابيون مقراً رئيسياً لتنفيذ محاولتهم الفاشلة.

لكن وفي تطور ما زال يحمل الكثير من الغموض حتى اليوم، قرر القاضيان كوكسان جليك وجتين سونماز إخلاء سبيله بداعي عدم توفّر الأدلة الكافية التي تثبت تورطه بمحاولة الانقلاب، ليختفي بعد ذلك وتبدأ عملية البحث عنه في كل حدب وصوب داخل الأراضي التركية، فيما قامت هيئة القضاء الأعلى في تركيا بإبعاد القاضيين عن عملهما مؤقتاً.

وأصدرت السلطات التركية قراراً عقب إخلاء سبيل أوكسوز بخصوص اعتقاله مجدداً بداعي أنه يعدّ من أهم الأشخاص الذين خططوا لمحاولة الانقلاب، واستنفرت فرق الدرك والشرطة منذ أكثر من شهرين للبحث عنه وإلقاء القبض عليه، واتخذت إجراءات في جميع المحافظات والمعابر والمطارات التركية.

وخلال إفادته التي أدلى بها أوكسوز في النيابة العامة بأنقرة قال بأنه توجّه من ولاية سقاريا إلى العاصمة أنقرة قبل محاولة الانقلاب وأنه تواجد بالصدفة في موقع القاعدة العسكرية عندما كان يعمل على شراء منزل هناك، لكن التحقيقات أثبتت عدم دقة روايته.

وقامت قوات الأمن التركية بعمليات بحث متلاحقة ضد أكسوز شملت تفتيش مكتبه بكلية الشريعة في جامعة سقاريا وأخذت نسخة عن القرص الصلب لكومبيوتر يخصه، كما قامت بإغلاق العديد من المناطق وتفتيش كل الذين يدخلون ويخرجون منها، وتفتيش منزل والده في ولاية أقسراي وعثرت على سيارته واعتقلت شقيقه ووالد زوجته في ولاية سقاريا، وتبين أن أوكسوز أرسل زوجته وأولاده الثلاثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل محاولة الانقلاب بشهر.

وقامت مديرية أمن أنقرة بتشكيل فريق خاص معني بالبحث عنه وذلك من أجل الإسراع في إلقاء القبض على أوكسوز يضمّ هذا الفريق عناصر من فرق مكافحة الإرهاب، وآخرين من جهاز الاستخبارات، وفرق مكافحة الجرائم المنظمة إضافة إلى عناصر من مديرية الأمن، ويتوقع هذا الفريق أن يكون أوكسوز مختبأً في منزل آمن، فيما يقومون بمراجعة كافة اتصالاته قبل اختفائه أملاً في العثور على إشارة توصلهم إلى مكانه.

وتأمل السلطات التركية من خلال اعتقال أكسوز الحصول على تفاصيل أكبر حول كيفية التخطيط لمحاولة الانقلاب والتعرف على شخصيات انقلابية أخرى لم يتم اعتقالها بعد، لكن الجانب الأهم التي تسعى له الحكومة هو الحصول على اعترافات أكبر تثبت صلة فتح الله غولن شخصياً بقيادة المحاولة لتسريع مساعي استعادة غولن من الولايات المتحدة التي ما زالت تدرس طلب تسليمه إلى أنقرة.