إيلي ليك

لم يحدث أن حاول الرئيس الأميركي بارك أوباما ومستشاروه مضايقة الرئيس الإيراني حسن روحاني، خصوصا منذ موافقته على الاتفاق النووي عام 2015، وخلال اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لم يدع كيري إيران بالاسم، كما فعل مع روسيا، لمساندتها المجازر الجارية في سوريا، رغم رفض الرئيس روحاني طلب الرئيس أوباما عقد اجتماع معه وجها لوجه.

غير أن اثنين لم يفتتنا بسحر روحاني، هما زاهر سحلول ويحيى باشا. فالاثنان طبيبان كرسا وقتهما للجدال مع الدبلوماسيين وقادة العالم لإيقاف عمليات القتل الدائرة في سوريا التي ولدا فيها. سافر سحلول إلى حلب في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضي لعلاج بعض ضحايا الحرب الدائرة هناك.

ودعي سحلول والباشا إلى لقاء مع روحاني في نيويورك ضمن لقاءات الرئيس الإيراني مع شخصيات أميركية بارزة من أصول سورية، وكانت تلك هي المرة الثانية التي يلتقي فيها الطبيبان مع روحاني، وقررا الضغط على الرئيس الإيراني لجعله يعيد النظر في دعم معذب إخوانهم السوريين.

أخبرني سحلول أنه عندما حل دوره في الحديث مع الرئيس الإيراني، سرد عليه قصة فتي يدعى أحمد لم يتعد عمره الخمسة أعوام، يعاني من شظايا اخترقت عموده الفقري ورئته اليسرى بعدما انهار بيت عائلته، إثر إسقاط طيران الجيش السوري برميل بارود فوقه. وعندما غادر سحلول حلب، كان أحمد لا يزال على قيد الحياة، لكن بمساعدة الأجهزة الطبية فقط، وفي اليوم التالي توقف قلب الطفل الصغير ومات.

«سألت الرئيس كمسلم إن كان سيقف في صف من يلقون بالبارود فوق رؤوس الناس». أفاد سحلول بأن روحاني سمعه، ثم أجاب بأن إيران ليس أمامها خيار سوى محاربة إرهابيي «داعش».

وعند اقتراب نهاية الاجتماع الذي ضم روحاني وعددا من المسلمين الأميركيين من أصول سوريا، حاول الباشا الاقتراب من روحاني في البهو لتأكيد مطلبه بخصوص القضية السورية، وقال الباشا إن روحاني استمر في سيره.

غير أن الجوانب الأخلاقية والمعنوية التي أثارها الطبيبان أمام الرئيس الإيراني قاطعتها القرارات السياسية للرئيس أوباما. بعد ذلك، وفي اليوم التالي للقاء سحلول والباشا مع روحاني، أقرت الولايات المتحدة صفقة مبيعات طائرات ركاب أبرمتها شركتا «بوينغ» و«إيرباص» مع إيران. كل هذا رغم الدلائل التي أكدت قيام شركة الطيران الإيرانية بنقل المعدات الحربية والجنود دعما للنظام السوري خلال الحرب التي قال أوباما إنه يسعى لإنهائها.

يتفهم سحلول وجهة نظر روحاني إلى حد ما: «فهو شخصية علاقات عامة ممتازة للنظام الإيراني»، بحسب سحلول، مضيفا: «تراه يحتضن الجميع، ويبتسم، واللغة التي يستخدمها لا تثير الجدل في الأوساط الإسلامية». غير أن كثيرا من المسلمين السوريين يرون خطرا كامنا وراء تلك الابتسامة. كان هذا رأي سحلول عندما وافق على لقاء روحاني عام 2014. في حين عارض آخرون في جمعيته الإنسانية هذا الرأي. «كثيرون في مجلس إدارة جمعيتنا يقولون إن روحاني مجرم حرب، وإنه لا يجب علينا التواصل معه».

لكن سحلول يرى الأمر بشكل مختلف، فقد أخبرني بأنه بات واضحا مع نهاية الفترة الرئاسية لإدارة أوباما أن الولايات المتحدة قد فشلت في إيقاف الدعم الإيراني لنظام بشار الأسد في سوريا. فبحسب سحلول: «من الواضح أن حكومتنا، الحكومة الأميركية، لا تستطيع التأثير على النظام هناك، ولذلك تقابلت مع القادة الإيرانيين وطلبت ذلك منهم بشكل مباشر».

فالقول بأن أوباما قد خيب ظن سحلول في هذا الخصوص سوف يكون تصريحا بغير الحقيقة: «أعتقد أن التاريخ سيحكم بأنه بوصفه رئيسا للبلاد ولديه كل المعلومات سمح بارتكاب تلك المجازر الجماعية في سوريا».

لم يكن سحلول بهذه الشدة خلال اللقاء، ففي صيف عام 2013، وقبل إلقاء قوات الأسد غاز السارين فوق ضواحي دمشق، تقابل سحلول مع أوباما بالبيت الأبيض لتناول الإفطار في رمضان. وخلال اللقاء سلم سحلول خطابا للرئيس الأميركي حثه فيه على فرض منطقة حظر طيران فوق سوريا لحماية المدنيين.

وأثناء تلك اللحظات القليلة التي قضاها مع أوباما، طالب الطبيب بإرسال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

أنصت أوباما باهتمام للطبيب السوري الأميركي، وتسلم الخطاب بيده، وقال سحلول بأنه وعدني بأنه «سوف يرد علَّي، وهو ما لم يحدث».

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»