الرياض قد تقلّص تعاونها مع واشنطن في مكافحة الإرهاب

لندن ـ «القدس العربي» ـ من احمد المصري: أثار القرار الذي اتخذه الكونغرس الأمريكي ومجلس النواب، والمعروف باسم «جاستا»، والذي يسمح لأقارب ضحايا 11 أيلول/سبتمبر بمقاضاة السعودية، ضجة في دول الخليج. ويأتي هذا القرار فيما يسود التوتر علاقات الدول الخليجية مع إدارة أوباما، والتي تتهمها أغلب العواصم الخليجية بإعادة إيران إلى الساحة الدبلوماسية، إضافة إلى عدم الاستجابة لمطالبهم فيما يخص قضايا المنطقة خاصة في الشأن السوري واليمني.

وكان الكونغرس أقرّ مساء الأربعاء قانون «العدالة ضد رعاة الأعمال الإرهابية» (جاستا)، معطلا بذلك «فيتو» الرئيس باراك اوباما الرافض لهذا القانون الذي يراه خطرا على الأمن القومي الأمريكي.

وحذرت البحرين في تصريحات لوزير خارجيتها من ان اقرار الكونغرس، سيرتد على واشنطن نفسها. وقال الوزير خالد بن أحمد الخليفة في تغريدة عبر حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، إن «# قانون_جاستا، سهم أطلقه الكونغرس الأمريكي على بلاده»، مضيفا «أليس منكم رجل رشيد؟».

ويرى مراقبون أن الرياض قد تعمد إلى تقليص تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب. وكان وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد حذر في وقت سابق هذا الشهر، من أن قوانين مماثلة «ستؤثر سلبا على الجهود الدولية والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب».

وقال عبد الخالق عبد الله، المحلل السياسي والأستاذ في جامعة الإمارات «ينبغي أن يكون واضحا لدى الولايات المتحدة وبقية العالم أنه إذا تم استهداف دولة من دول مجلس التعاون بكيفية غير عادلة فإنّ باقي أعضاء المجلس سيدعمونها».

وشدد على أن جميع أعضاء المجلس سيساندون المملكة بكل ما يملكونه وبكل الطرق والأساليب.

فيما برزت تساولات حول الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، خاصة عقب تصريحات سابقة لمصادر امريكية نقلت عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير «تهديد» بلاده بنيتها سحب استثماراتها وأصولها من أمريكا في حال أقر القانون.

وحسب تقرير وزارة الخزينة الأمريكية السنوي فإن حجم الأصول التي تملكها مجموعة دول هي (البحرين وإيران والعراق والكويت وعُمان وقطر والإمارات العربية المتحدة) وبينها السعودية للعام 2015 – 2016 تبلغ قيمتها 612.371 مليار دولار إلى جانب امتلاكها لسيولة حجمها 285.238 مليار دولار تضاف إلى امتلاكها لسندات دين آجلة بقيمة 264.768 مليار دولار وسندات دين عاجلة بقيمة 62.370 مليار دولار.

فيما يرى آخرون أن المملكة ربما تقنع أشقاءها في مجلس التعاون الخليجي على الحذو حذوها واتباع سياستها التي قد تشمل تجميد التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والاستثمار والسماح للقوات المسلحة الأمريكية باستخدام قواعد المنطقة العسكرية.

وحذر مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان من أنه ستكون للقانون «تداعيات خطيرة على الأمن القومي للولايات المتحدة»، وتبعات على «الموظفين الحكوميين الذين يعملون من أجل بلادهم في الخارج»، لكن مؤيدي القانون يؤكدون حاجة الضحايا لتحقيق العدالة ويعتقدون أن معارضة إدارة اوباما مردها الخوف من إثارة غضب الرياض.

وتشهد العلاقات بين الحليفين التاريخيين تباينات منذ أشهر، لاسيما على خلفية التقارب الأمريكي مع إيران، الخصم الإقليمي اللدود للسعودية، إثر الاتفاق بين الدول الكبرى وإيران حول ملفها النووي.

وتعتبر الإدارة الأمريكية أن القانون من شأنه أن يقوض مبدأ الحصانة التي تحمي الدول (ودبلوماسييها) من الملاحقات القانونية، وقد يعرض الولايات المتحدة لدعاوى قضائية أمام المحاكم في كل أنحاء العالم.

وعقب اقرار القانون انتشر وسم (هاشتاغ)، #قانون_جاستا، وعبر عدد من المغردين العرب عن استيائهم من إقرار الكونغرس لهذا القانون، مطالبين بمحاسبة أمريكا أيضا على جرائمها في المنطقة والعالم.

وقال مغرد «على السعودية ودول الخليج فك الارتباط بالدولار وتعميم سعر البترول بأي عملة مناسبه للدول المصدرة»، فيما قال آخر « #قانون_جاستا إعلان حرب مالية على #السعودية، وفتح لباب ابتزازها لعقود مقبلة… لكن السعودية قادرة على المقاومة إذا غيَّرت تموقعها الاستراتيجي», وأضاف آخر» يجب محاكمة أمريكا على ما ارتكبته في فيتنام واليابان والعراق إضافة الى ضحايا الدرونز في اليمن وليبيا وسوريا».