فهد عريشي

جميع الشركات الأميركية التي تحاول المنافسة في السوق الصيني تتعرض لعراقيل، كما تعرضت لها شركة أبل، بينما نجد الشركات الصينية تنافس في السوق الأميركي دون أي عوائق

منذ بداية حملة الانتخابات لترمب، وهو يركز على إقصاء الصين المنافس الأول له في الاقتصاد العالمي، ولأن ترمب هو رجل اقتصادي قبل أن يكون سياسيا فإنه يعرف كيف ينافس الصين اقتصاديا، بعد أن كانت الصين في عهد أوباما ومن قبله، تنمو اقتصاديا بثقة وثبات دون أي عراقيل حقيقية تضعها أمامهم الحكومة الأميركية، ولكن كل تصريحات ترمب وتصرفاته قبل فوزه برئاسة البيت الأبيض، وحتى بعد ذلك وأثناء حفل تنصيبه كرئيس، كلها تشير إلى أن الصين ستواجه تحديات كبيرة في ظل سياسة ترمب الذي يعرف كيف ينتصر في المنافسات الاقتصادية، كما كان يفعلها وهو يترأس مجموعته التجارية الخاصة قبل أن يرشح نفسه رئيسا للولايات المتحدة.
خلال العقدين الماضيين كانت الصين تسمح بدخول الشركات الأميركية إلى أراضيها، ولكنها لم تكن تسمح لها بالمنافسة، كانت تدخلها بهدف فتح الوظائف للأيدي العاملة في الصين، ورفع استثماراتها الاقتصادية، ولكن حين تجد هذه الشركات تحاول المنافسة فإنها تقصيها وتضع العراقيل أمامها، كما فعلت مع شركة أبل التي لم تسمح لها بتسجيل علامتها التجارية داخل الصين وسمحت لشركة صينية بتسجل علامة أبل في سرقة عالمية موثقة في محكمة صينية، بحجة أن أبل لم تثبت أنها كانت علامة تجارية شهيرة في الصين قبل عام 2007، العام الذي تقدمت فيه شركة شينتونغشايندي بطلب العلامة التجارية، ولم تكتف الصين بذلك، بل فرضت قانونا صينيا جديدا يلزم بتخزين كل المحتويات المعروضة في الصين على خوادم مقرها في الأراضي الصينية، وهو ما فرض على أبل إغلاق خدمات "آي بوكس" و"آيتيون" في الصين، وكانت ضربة قاضية لشركة أبل دفعت الملياردير كارل إيكان المستثمر في شركة أبل إلى بيع كل أسهمه في الشركة بسبب مخاوفه من مستقبل أبل في الصين، وغيرها من التحديات التي وضعتها الصين حتى خرجت أبل من السوق الصيني بخسارة وبخيبة أمل.
كتبت عن تعامل حكومة الصين مع شركة أبل هنا كمثال فقط والأمثلة كثيرة والمساحة لا تكفي لعرضها جميعا، ولكن باختصار جميع الشركات الأميركية التي تحاول المنافسة في السوق الصيني تتعرض لعراقيل، كما تعرضت لها شركة أبل، بينما نجد الشركات الصينية تنافس في السوق الأميركي دون أي عوائق، بل وتقصي شركات أميركية وتنافسها على حصتها في وسط السوق الأميركي والعالمي في وسط خمول كبير من إدارات البيت الأبيض السابقة.
ولكن في عهد ترمب أجزم أن الأمر سيتغير، وأولى خطوات ترمب نحو هذه النقطة استفزازه للصين بمكالمة مع رئيسة تايوان وتصريحه بأن مبدأ الصين الواحدة قابل للنقاش، ورغم تصريحه أثناء الانتخابات بأن الصين قامت بأكبر عملية سطو في التاريخ كنقد لسياسة الصين الاقتصادية إلا أن مكالمته لرئيسة تايوان مساومة لا تسمح بها حكومة الصين التي ردت باحتجاج شديد اللهجة ووصفت المكالمة بأنها عمل تافه.
يعتزم ترمب مع بداية توليه رئاسة البيت الأبيض مساومة الصين بتقديم الكثير من التنازلات التجارية والاقتصادية من أجل مواصلة الولايات المتحدة سياسة ومبدأ الصين الواحدة، ولكن كان رد وزير الخارجية الصيني: "بأن أي شخص أو قوة في العالم تحاول النيل من الصين أو المس بمصالحها الأساسية فسيكون كمن يزحزح صخرة ستسحق قدميه". فهل زحزحة ترمب لصخرة الصين ستسحق قدميه؟
أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال ستكون من أهم الأحداث التي سنشهدها ويرتقبها العالم في السنوات الأربع المقبلة.