مساعد العصيمي

يدرك اللبنانيون قبل غيرهم أن إعلامهم أصبح يعاني من انحطاط شديد حتى باتت صفة التكسب مرتبطة به، يصح القول عليه: إنه يقاد بحبل في رقبته بعدما كان هذا الإعلام إلى ما قبل عقدين من الزمن الأكثر موثوقية بل وقائداً لنظرائه في العالم العربي.

هنا لسنا من يقول ذلك ولا من يصنع الصورة عن الإعلام الذي كان "صرحاً من رقي فهوى" بل إن أحد أزلامه نائب رئيس تحرير صحيفة الأخبار بيار أبي صعب وهو بالمناسبة أحد المنقادين بحبل في رقبته من قبل النفوذ الإيراني يؤكد هذا الأمر ولا ينفيه حتى عن نفسه حينما قال في لقاء صحفي موثق مع صحيفة

العهد اللبنانية:" الإعلام اللبناني يعاني من انحطاط وتحيز أعمى وارتزاق"، بل إنه يزيد على ذلك بقوله :"إعلام عديم الأخلاق وعديم المهنية".

ومع السوء الذي بلغه هذا الإعلام إلا أننا كما غيرنا لا ننكر أن هناك من الإعلاميين والصحف والقنوات من الشرفاء الذين مازالوا متمسكين برسالتهم وأمانتهم ومبادئهم وشرف وأخلاقيات المهنة، في زمن فقد معظم الإعلام اللبناني شخصيته وأصبح ممسوخاً بعد هيمنة حزب الله وأمينه الذي لا سبيل له إلا التفجيرات والقتل لكل من يخالفه من رئيس الوزراء إلى أصغر مراسل في

صحيفة صغيرة.. فإما أن تكون موالياً وتقبض ما تيسر أو أنت عدو وانتظر حتفك.. وذاكرة اللبنانيين مليئة بالأسماء التي صمدت وفي ظل تاريخ عريض من

الاغتيالات.

هذا الإعلام التعيس أصبح يُقاد من الضاحية الجنوبية. وعليه لا نستغرب أن يعمل على محاولة تشويه صورة المملكة العربية السعودية خلاف الحقيقة بل إنه أراد شيطنتها بطريقة فجة مجاملة ووجلاً من"حمار الضاحية" المتورط بدماء اليمنيين والبحريينيين والسوريين والعراقيين وقبلهم اللبنانيين

وكأنهم يريدون أن يصنعوا من الشيطان ملاكاً أبيض، وهم يتسابقون لاستخدام الأساليب المنحطة وكأنهم يكتبون أو يتحاورون في مواخير نجسة بأساليب

ملتوية وأكاذيب قذرة وليس من خلال قنوات وصحف كانت من قبل محترمة..

وعياناً بياناً تعلن عن نفسها بأنها مرتزقة كما فعل أبي صعب، ولن نلومها مادام أنها تعلمت ذلك من قناة الجزيرة ومن خلال بعض مرتزقتها الذي عملوا هناك وصنعت الجزيرة ملامحهم وشخصياتهم فأحسنوا استخدام البذاءة فنقلوا ما تعلموه إلى لبنان وعلموا آخرين كيف يكونوا قذرين كاذبين.

بعد اللغة الإعلامية الشوارعية الهابطة أصبح من حقّنا أن ندعوا بالرحمة والغفران للإعلام اللبناني الذي كان مثالاً للثبات والموضوعية، بل لأن هذا

الإعلام الذي كان المدرسة التي ننهل منها قد بات في آخر الصف.. نترحم عليه ونحن نشاهد الآن كثيراً منه يعيش سقوطاً مدوياً وخنوعاً كبيراً ما انفك يخشى سطوة نصرالله إلى درجة أنه أصبح يداري هذا القاتل الأفّاق

ويجاريه.

نترحم على هذا الإعلام الذي لم يتبق منه إلا قلة مازالت تحافظ على اتجاه بوصلتها الأخلاقية، ونؤكد على ترحمنا لأننا نتذكر بكثير من الفخر إعلاميين وإعلاميات لا تأخذهم لومة لائم في قول الحق، حتى إنهم دفعوا حياتهم ثمناً لذلك، هل نعيد على بعض الإعلام اللبناني الخانع أسماءهم وأفعالهم ممن قالوا.. لا.. في زمن أشد وأنكى، ولا بأس أن نتذكر ثلاثة من عددهم الكبير، فهل بعيد عنكم جبران تويني وسمير قصير أم إنهما قد غابا من ذاكرتكم؟ أم لا تذكّركم مي شدياق بأي ثبات وكرامة وهي تقف بشموخ بينكم رغم أن بقايا قنبلة صاحب الضاحية مازالت بجسدها.