يوسف الكويليت

علاقاتنا الدولية تنمو بشكل متسارع حتى لو ظل هامش من الأفكار على خلاف وتباين، فقد غيرنا بوصلتنا مع الرئيس ترمب بنسب متصاعدة، حذفت لعبة الكراسي مع أوباما، ونفس الموقف حين اتجهنا للشرق، الصين، الهند، روسيا، اليابان فكانت الاستجابة كبيرة في عقد العديد من الصفقات الإستراتيجية الكبرى على مختلف النشاطات والمصالح، ولا تزال تنمو مع أوروبا ودول أخرى..

عقدتنا مع علاقتنا العربية، فإذا الشرق والغرب يدفعنا للتواصل وفتح المنافذ على آفاق المستقبل البعيد، نجد صدوداً وعداء، وحياء مزيفاً من بعض إخوتنا العرب، وهنا يأتي السؤال، هل نحن من بادر في بذر الخصومات؟ ولنعود لبعض عقود مضت أقربها احتلال الكويت من قبل صدام، حين هللت حكومات وحلل مثقفون وإعلاميون نهاية حقبة الخليج، وصفقات النفط التي لا يستحقونها، وقبلها ثورة الخميني الذي "عيد" لها اليسار العربي، وبايعوا صاحبها بأنه النافذة الجديدة لإرساء العدالة بدلاً من وهم الاشتراكيات وفلسفاتها، وكأنها انتصار لهذا التيار الذي بغبائه، أو سلفيته الثورية لم يدرك المعنى والمنطلق والأهداف لهذه الثورة، إلا بعد صحوة متأخرة، لدرجة تسابق زعماء عرب وكتاب كبار مصافحة يد الخميني للتبارك به وبعودته التاريخية!!

الدرس الأخير المواقف المؤلمة من دول عربية حشدنا قوانا المادية والسياسية، وضحينا حتى في أمننا من أجلهم، وحين نشرح مخاطر إيران في المنطقة نرى التسويف واللا مبالاة، وهي ليست جديدة مثل هذه المواقف، فقد أجبرنا على صد حروب على حدودنا مع اليمن باسم تصدير الثورة، مصطلح ما قبل الخميني، وطالب آخرون تأميم النفط الخليجي وجعله قسمة بين الدول العربية، مع تجاهل تام لدول نفطية كبرى مثل: العراق، والجزائر، وليبيا، لأنها في حضرة الدول الثورية، ولا يصدق عليها هذا الحكم، بمعنى أشمل نحن مستهدفون من أقرب من ينتمون لنا بالدم والعقيدة، وهذا ليس تحريضاً، ولكنه كشف للحقيقة المرة لمن يتنافسون على نفينا من أرضنا وتجريدنا من قيمنا واغتصاب ثرواتنا..

وهم التضامن العربي نسفته حقائق التاريخ الجديد، فنحن في لحظة حكومات الطوائف، البعض يستعين بإيران، وآخر يحاول أن يبيعنا لتركيا وثالث يدعم الإرهابيين عندنا، والخطأ الأكبر أننا أحسنا النوايا، فقدمنا دبلوماسية "الشيك" على المقابل لهذا الدفع السخي من كرمنا لمن لا يستحقون، وهذه ليست دعوة للمقاطعة والتهرب من الواجبات، وإنما تحليل المضامين لمن يستحق وفقاً لمواقفه، لا نظرة للإخاء، والجوار، والمصير الواحد، فهذه تعاريف عفا عليها الدهر، وطالما نبني دولتنا بمواردنا وقوانا الشعبية، فهي من تستحق التركيز والسير بها إلى الأشواط البعيدة، فقدراتنا وحدها حصانتنا، لا انتظار لجامعة الدول العربية أن تقدم بيانا "مبسترا" مجاملة لتسجيل موقف يخالف مواثيقها وما بنيت عليه، وعموماً نحن القوة في المنطقة وهذا المعيار الذي يقاس عليه دورنا المتصاعد ومن يكون معنا أو يخسرنا..