كلمة الاقتصادية

تقف المملكة مع شقيقاتها الإمارات والبحرين ومصر موقفا حازما واستراتيجيا من التطرف والإرهاب؛ فهي قد كانت على مدى السنوات الماضية بلدانا مستهدفة من المتطرفين والإرهابيين، لكنها استطاعت أن تحقق إنجازات مشهودة في ضربه وسحقه، وسعت إلى أن تجعل من المنطقة ومن العالم أيضا ساحة آمنة يسودها الأمن والسلام، غير أن دولة قطر بقيت على مدى أكثر من 20 عاما في طابور هذا الشر الذي طال بمكائده وجرائمه وجناياته دول الخليج العربي ومصر، وامتد إلى أقطار عربية أخرى في ليبيا وتونس والعراق ولبنان وسورية. ورغم المحاولات الجادة لتصحيح أوضاع القيادة القطرية بالنصح والإرشاد، ثم بالالتزامات الرسمية على مستوى الخليج والعالم المحارب للإرهاب، ظلت القيادة القطرية ممعنة في دعم وتمويل وإيواء المتطرفين والإرهابيين؛ ما اضطر دول الرباعية العربية المحاربة للإرهاب والتطرف إلى قطع علاقاتها معها إلى أن تفي بالشروط التي وضعتها الرباعية، لكنها ما زالت تمارس الأدوار الخبيثة والدنيئة ذاتها في العبث بأمن المنطقة وإثارة الفتنة والنزاعات. من هنا كان لابد من أن تثابر الرباعية العربية على موقفها المقاطع لقطر وموقفها المبدئي في الحرب على الإرهاب في كل صوره أفرادا أو مؤسسات.

وأمس الأول أعلنت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، "السعودية ومصر والإمارات والبحرين"، عن قائمة جديدة للكيانات الإرهابية والمطلوبين لديها على ذمة قضايا إرهابية. وأنها في ضوء التزامها بمحاربة الإرهاب، وتجفيف مصادر تمويله، ومكافحة الفكر المتطرف وأدوات نشره وترويجه، والعمل المشترك للقضاء عليه وتحصين المجتمعات منه، وفي إطار جهدها المشترك بالتعاون مع الشركاء الفاعلين في محاربة الإرهاب؛ فإنها تضيف كيانين هما المجلس الإسلامي العالمي "مساع"، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، و11 فردا إلى قوائم الإرهاب المحظورة لديها.

ومن الواضح أن هذين الكيانين والأفراد الذين جاء على ذكرهم البيان لهم تاريخ طويل ضالع في الإرهاب والتآمر على أمن الشعوب خصوصا المنطقة الخليجية؛ فالكيانان والأفراد علاقاتهم وطيدة مع جماعات صنفت من معظم الدول إرهابية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين و"القاعدة" و"داعش"، وهي الصلة ذاتها التي ترتبط بها القيادة القطرية في إصرار على التمويل والإيواء والدعم بكل أشكاله الذميمة، أي أن العلاقة بين القيادة والقطرية وبين هذين الكيانين وهؤلاء الأفراد قائمة على استهداف مصالح الدول والأفراد، وزرع الفوضى ونشر الفتن. كل ذلك في سبيل أجندة لم يعد أحد يخطئها وهي الأجندة الإيرانية التي باتت مكشوفة ومدينة ومطلوبة على المستوى الدولي؛ فأذرع دولة ولاية الفقيه في لبنان من خلال حزب الله، وفي اليمن من خلال الحوثيين، وفي مصر من خلال الإخوان المسلمين، دائما يفتضح أمرها ليس فقط بالتفجير والاغتيالات والتصفيات، وإنما كذلك في الدسائس والمؤامرات بالإمداد بالأسلحة الفتاكة والمحظورة دوليا. هذا يعني أن الإرهابيين باتوا في إطار يجمعهم على التماثل في الجرم والإجرام سواء كان الفرد زعيما أو تابعا، وسواء كانت المؤسسة بستار ديني أو دعوي؛ فالإيرانيون والقيادة القطرية وهؤلاء الإرهابيون وهذان الكيانان، إضافة إلى كيانات وأفراد آخرين هم اليوم ودائما سيظلون في نظر العدالة الدولية وفي نظر شعوب العالم المسؤولين أولا وأخيرا عما يهدد أمن المنطقة واستقرارها وأمن العالم وسلامه.

وحين تعلن الرباعية العربية لمكافحة الإرهاب عن هاتين المؤسستين وعن هؤلاء الأفراد والعلاقة التي تربطهم بقطر فإنما هي تؤكد بذلك حرصها على الصمود والتصدي وقطع دابر الإرهاب والتطرف بكل أشكالهما سواء كانا ممثلين بدولة وبقيادة كإيران وقطر أو ممثلين بأحزاب كحزب الله والحوثيين، أو بعصابات كـ"القاعدة" و"داعش"، أو بأدعياء إسلام كالإخوان المسلمين والمجلس الإسلامي العالمي "مساع"، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مترجمة بهذا الموقف إصرارها على نزع الأقنعة وكشف الأستار في الادعاء باسم الدين ومواجهة القيادات والدول الضالة التي تقف خلفها، وبما يعني أن هذا الإعلان من قبل الرباعية ما هو إلا تأكيد على يقظة عالية من قبل الرباعية العربية ومتابعة دائمة لا تغفل عن كل محاولات التستر والتمويه؛ فسلامة الأوطان هي في المقدمة وسلامة المواطنين هي الجوهر، والحرص على أن ينعم العالم بالأمن والسلام هو المبدأ الثابت والأساس.
إنشرها