أكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن المملكة تعيش حاليا أكبر وأهم عملية إصلاح في الشرق الأوسط، مقارنة بأي بقعة في المنطقة، وأنه على خلاف أي ربيع عربي آخر، يقود الأمير محمد بن سلمان حركة الربيع العربي هذه، بدءا بمكافحة الفساد ومحاسبة كبار المسؤولين، ونزولا إلى من دونهم، مشيرة إلى أن نجاح عملية الإصلاح في المملكة ستغير رؤية الآخرين للإسلام في جميع أرجاء العالم.

أكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن المملكة تعيش حاليا أكبر وأهم عملية إصلاح في الشرق الأوسط، مقارنة بأي بقعة في المنطقة. 
وقال الكاتب الأميركي توماس فريدمان في عرضه بالصحيفة بعد مقابلة أجراها مع ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان «لم يخطر ببالي قط أنني سأعيش بما فيه الكفاية لأشهد اليوم الذي تتسنى لي فيه كتابة الجملة التالية: تشهد السعودية اليوم عملية الإصلاح الأكثر أهميةً مقارنةً بأي بُقعةٍ من بقاع الشرق الأوسط. نعم، فأنتم تقرؤون ما كتبته بشكلٍ صحيح. وبالرغم من أني جئت إلى السعودية أثناء بداية فصل الشتاء فيها، إلا أني قد وجدت البلاد تمُر بربيعها العربي، على النمط السعودي». 
وتابعت الصحيفة الأميركية ذائعة الصيت: إنه على خلاف أي ربيعٍ عربي في مختلف البلدان الأخرى – التي ظهرت جميعُها من الطبقة الأدنى إلى الأعلى، وفشلت في معظمها، يقود الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عاماً، حركة الربيع العربي هذه، بدءاً بمحاسبة كبار المسؤولين، ونزولاً إلى من دونهم من الأعلى إلى الأدنى، مشيرة إلى أن نجاح عملية الإصلاح في المملكة ستغير معنى ومفهوم الإسلام في جميع أرجاء العالم. وحسب الصحيفة فقد كشف الأمير محمد بن سلمان خلال المقابلة، عن أبعاد حملة مكافحة الفساد في المملكة، والعمل على إعادة الإسلام إلى أصوله، كما تطرق إلى السياسة الخارجية السعودية، لافتا إلى الغرائب التي صاحبت استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري؛ بسبب سيطرة ميليشيا حزب الله اللبنانية، والتي بدورها تخضع بشكل رئيس لسيطرة إيران، التي تهدد المنطقة، واصفاً المرشد الإيراني بـ«هتلر» جديد في منطقة الشرق الأوسط. وشدد الأمير محمد بن سسلمان على أن الحرب المدعومة سعودياً في اليمن، تميل كفتها لصالح القوات الشرعية التي باتت تسيطر على معظم البلاد، لافتا إلى أن قيام المتمردين الحوثيين الموالين لإيران بإطلاق صاروخ على مطار الرياض يعني أنه إذا لم تتم السيطرة على كامل البلاد فإن ذلك سيُمثل مشكلة. كما أشاد ولي العهد بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، واصفا إياه بــ«الرجل المناسب في الوقت المناسب».

حملة مكافحة الفساد 


كشف الأمير محمد بن سلمان خلال المقابلة، أن 95% من الذين تم استدعاؤهم للتحقيق بشأن مكافحة الفساد وافقوا على التسوية وإعادة الأموال، مبينا أن نحو 1 % أثبتوا براءتهم وانتهت قضاياهم، كما أن 4 % منهم أنكروا تهم الفساد، وأبدوا رغبتهم في التوجه إلى القضاء، مشيراً إلى أن النائب العام يتوقع أن تبلغ قيمة المبالغ المستعادة عبر التسوية نحو 100 مليار دولار.
وإجابة عن سؤال فريدمان عما يحدث في فندق الريتز؟ وهل هو لعبة السُلطة الخاصة التي يهدف الأمير محمد بن سلمان من خلالها إلى إزالة مُنافسيه من أعضاء عائلته ومن القطاعات الخاصة؟
قال الأمير محمد بن سلمان «إنهُ لأمرٌ مُضحك»، أن تقول إن حملة مكافحة الفساد هذه كانت وسيلةً لانتزاع السُلطة، مشيرا إلى أن الأعضاء البارزين من الأشخاص المُحتجزين في الريتز كانوا قد أعلنوا مُسبقاً بيعتهم له ودعمهم لإصلاحاته، وأن الغالبية العُظمى من أفراد العائلة الحاكمة تقفُ في صفه. 
وأضاف: هذا ما حدث، فلطالما عانت دولتنا من الفساد منذ الثمانينات حتى يومنا هذا، وإن تقديرات الخبراء تقول إن ما يُقارب 10% من الإنفاق الحكومي كان قد تعرض للاختلاس في العام الماضي بواسطة الفساد، من قبل كلتا الطبقتين: العُليا والكادحة. وعلى مر السنين، كانت الحكومة قد شنت أكثر من حرب على الفساد، ولكنها فشلت جميعًا. لماذا؟ لأن جميع تلك الحملات بدأت من الطبقة الكادحة صعوداً إلى غيرها من الطبقات المرموقة، موضحا أنه عندما اعتلى والده سُدة العرش عام 2015 «في الوقت الذي كانت أسعار النفط فيه مُنخفضة» قام بقطع عهد على نفسه بوضع حدٍ لهذا كُله.

375 مليار ريال مردود التسويات 


جواباً عن سؤال للكاتب توماس فريدمان «كم من المال سيُعيدون إليكم؟»، قال الأمير محمد بن سلمان: إن النائب العام يقول إنه من الممكن في نهاية المطاف أن يكون المبلغ حوالي 100 مليار دولار أميركي (375 مليار ريال) من مردود التسويات. وأضاف: هُنالك طريقة يمكن من خلالها القضاء على الفساد في جميع الطبقات، لذلك فإنهُ عليك أن تُرسل إشارة، والإشارةُ التي سيأخذها الجميع بجدية هي أنك لن تنجو بفعلتك. ولقد شهدنا تأثيرها بالفعل وما زلنا نشهده. وضرب مثالا بما قاله أحدهم في مواقع التواصل الاجتماعي: اتصلتُ بوسيطي لإنهاء معاملاتي المعلقة بالحكومة، ولكنه لا يجيب على اتصالاتي. ولم تتم مُقاضاة رجال الأعمال السعوديين الذين يدفعون الرشاوى لإنجاز مصالحهم الشرعية من قبل البيروقراطيين الذين قاموا بابتزازهم. 
وقال الأمير محمد بن سلمان: أولئك الذين تم استدعاؤهم للتحقيق هم من اجتثوا أموال الحكومة. من خلال رفعهم للأسعار وحصولهم على الرشاوى.


السياسة الخارجية 


حول السياسة الخارجية السعودية، فضل الأمير محمد بن سلمان عدم مناقشة الغرائب الحاصلة مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري؛ بمجيئه إلى السعودية وإعلانه عن استقالته، ثم عودته الآن إلى بيروت وتراجعه عن استقالته، لافتاً إلى أن خلاصة القضية تتمحور حول أن الحريري، لن يستمر في توفير غطاء سياسي للحكومة اللبنانية التي تخضع بشكل رئيس لسيطرة ميليشيا حزب الله اللبنانية، والتي بدورها تخضع بشكل رئيس لسيطرة طهران.
كما شدد على أن الحرب المدعومة سعودياً في اليمن، تميل كفتها لصالح الحكومة الشرعية الموالية للسعودية هناك، والتي قال إنها تُسيطر الآن على 85 % من البلاد، إلا أن قيام المتمردين الحوثيين الموالين لإيران – الذين يُسيطرون على بقية أراضي البلاد – بإطلاق صاروخ على مطار الرياض يعني أنه إذا لم تتم السيطرة على كامل البلاد، فإن ذلك سيُمثل مشكلة.
وأشاد ولي العهد السعودي بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ وصفه بــ«الرجل المناسب في الوقت المناسب».


إسلام معتدل


تقول الصحيفة: إن حملة مكافحة الفساد هذه، ليست سوى ثاني أكثر المُبادرات غير الاعتيادية والمُهمة التي شنها الأمير محمد بن سلمان. فقد كانت المُبادرة الأولى ترمي إلى إعادة الإسلام السعودي إلى أصوله الأكثر انفتاحاً واعتدالًا، والذي تم تحريفهُ عام 1979. وهذا هو ما وصفه الأمير محمد بن سلمان في المؤتمر العالمي للاستثمار الذي عُقد أخيراً في الرياض على أنهُ «إسلام معتدل ومتوازن، ينفتح بدوره للعالم وللديانات الأُخرى ولجميع التقاليد والشُعوب». ويكمل فريدمان في تقريره: طلب مني الأمير محمد بن سلمان قائلاً: لا نقول إننا نعمل على إعادة تفسير الإسلام، بل نحن نعمل على إعادة الإسلام إلى أصوله، وإن سنة النبي محمد هي أهم أدواتنا، فضلا عن الحياة اليومية في السعودية قبل عام 1979. وذكر الأمير بن سلمان أنه في زمن النبي محمد، كان هناك الرجال والنساء يتواجدون معا، وكان هناك احترام للمسيحيين واليهود في الجزيرة العربية. كما أوضح «لقد كان قاضي التجارة في سوق المدينة المنورة امرأة!». وتساءل الأمير قائلًا: إذا كان خليفة النبي عمر قد رحب بكل ذلك «فهل يقصدون أنه لم يكن مسلمًا!».

عامان من التحقيقات 


قال الأمير محمد بن سلمان: رأى خادم الحرمين الشريفين أنه ليس من الممكن أن نبقى ضمن «مجموعة العشرين» في حين تنموُ بلادنا بهذا المُستوى من الفساد. ففي وقتٍ سابق من عام 2015 كانت أول الأوامر التي أعطاها والدي لفريقه هو جمع كل البيانات المُتعلقة بالفساد لدى الطبقة العُليا. ولقد ظل الفريق يعمل لمدة عامين كاملين حتى توصلوا إلى جمع هذه المعلومات الأكثر دقةً، ومن ثم جاؤوا بحوالي 200 اسم، مبينا أنه عندما باتت جميع البيانات جاهزة، اتخذ النائب العام، سعود المعجب، الإجراءات اللازمة. وأوضح الأمير محمد بن سلمان، أن كل من اشتُبه به سواء كان من أصحاب المليارات أو أميراً تم استدعاؤه ووضعه أمام خيارين: لقد أريناهم جميع الملفات التي بحوزتنا، وبمُجرد أن اطلعوا عليها، وافق ما نسبته 95% منهم على التسويات، الأمر الذي يعني أن عليهم دفع مبالغ مادية أو وضع أسهم من شركاتهم في وزارة المالية السعودية.وأضاف: استطاع ما نسبته 1% من المُشتبه بهم إثبات براءاتهم، وقد تم إسقاط التهم الموجهة لهم في حينها، وقرابة 4% قالوا إنهم لم يشاركوا في أعمال فساد، ويُطالب مُحاموهم باللجوء إلى المحكمة. ويُعتبر النائب العام، بموجب القانون السعودي، مُستقلًا. فلا يمكننا التدخل في عمله – ولا أحد سوى الملك يستطيع إقصاءه، ولكنه هو من يقود العملية الآن.. ولدينا خُبراء من شأنهم ضمان عدم إفلاس أي شركة من جراء هذه العملية، وذلك لتجنب إحداث أي عطالة.


انتهاكات إيران 


بالتطرق إلى التهديد الإيراني للمنطقة، قال الأمير محمد بن سلمان: «إن المرشد الإيراني هو هتلر جديد في منطقة الشرق الأوسط». 
وأضاف «غير أننا تعلمنا من أوروبا أن الاسترضاء في مثل هذه الحالة لن ينجح. ولا نريد أن يُكرر هتلر الجديد في إيران ما حدث في أوروبا (هنا) في الشرق الأوسط». وشدد على كل شيء تفعله السعودية محلياً يهدف إلى بناء قوتها واقتصادها.


مداهمة الوقت


يقول فرديمان، كل من يعرف الأمير محمد بن سلمان يدرك أنه يعمل وكأن الوقت يداهمه، وقد أوضح محمد بن سلمان ذلك قائلاً: «أعمل كذلك، لأنني أخشى أنه في يوم وفاتي، سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني. إن الحياة قصيرة جدًا، وقد تحدث كثير من الأمور، كما أنني حريص جداً على مشاهدة ما يدور بذهني بأمّ عيني – ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري».