علي القاسمي 

يظل المضي لبوابة التغيير بمثابة المحاولة الجادة والصريحة نحو الإصلاح ومصافحة الأحلام والطموحات، وقدر الأوطان الكبيرة أن تذهب للتغيير في التوقيت الذي تراه مناسباً أو لازماً، ولكل من هاتين المفردتين مشوار طويل من الطرح والتحليل، إنما في خضم هذا التغيير ومشروع الحلم السعودي تتضاعف الجهود والتحديات وكل الجمل يجب أن تؤخذ على محمل الحماسة والقوة والشجاعة والجد في مواجهة صخور الطريق مهما كانت وأياً كان ثقلها ووزنها. الفساد كان واحدة من هذه الصخور التي جاء قدر وموعد ركنها وركلها، والحكايات والنقاشات لا تتوقف عن الفساد والعمل الحاد والجاد ماضٍ في إزاحته وتفتيته من طريق النجاح وخطة المستقبل. ولأن هذا من الصخور الثقيلة الطويلة البقاء فذاك بالطبع استدعى واستلزم أن يُقابَل بحضور ثقيل وشجاعة مصاحبة.

صخرة التطرف متمددة- هي الأخرى- على طريق العمل والأمل والتغيير ولا بد أن تُزال ويُزال معها كل الذين رسموا في وجودها خطط البقاء وأفكار التخريب والتفتيت والتمزيق، فالمشوار نحو الاعتدال والسلام وتعزيز مفاهيم التسامح والتقارب لن يمضي إلى خير وبخير ما ظلت صخرة التطرف تعيق الراغبين في مسح الأخطاء وتصحيح الواقع وتنظيف البيئة المتعطشة للحياة السوية والعيش في شكل طبيعي.

الإرهاب يأتي كصخرة ثالثة كبيرة جداً وهي تعرقل- مع كل نشوء واشتعال- المحاولات وتئد الأفراح وتؤجل التفكير بكثير من أمور ولوازم التغيير. الإرهاب اكتوينا به كما اكتوت بنيرانه قوائم من جغرافيات العالم، ولكن الكي الذي عانيناه كان كياً مضاعفاً حين ارتبطت صورة السعودي به لظروف مرحلية فائتة ومارس على الوجه الأسود المقابل بشاعته في الجغرافيا الوطنية وكان مهدداً دموياً ومخيفاً.

الجميع في الأيام الفائتة يستعرض العنوان الأكثر رواجاً في ميادين التواصل والمتابعات اليومية للطازج والناضج من الخبر والصورة، وفوق هذا الاستعراض كان يدقق في تفاصيل التفاصيل حين كان يصف العنوان التغيير وخطة الإصلاح بكونها ربيعاً عربياً سعودياً، وإن كنت لا أميل على المطلق نحو اعتبار ما يحدث ربيعاً بل هو تحول حقيقي فرضته مجريات الواقع ومهدت له متعة التفكير الجديد المختلف لبلد وإنسان، وإن كان ثمة أيضاً من يقول إن التفكير القديم ليس إلا تفكيراً قديماً فطرياً نقياً وتجدد.

قص أظافر الفساد ونزع جذور التطرف ومكافحة الإرهاب تتصدر مشاريع العمل الأثقل نحو تغيير تُفتح معه كل الآمال، وتشعر في قربه بنمو الثقة نحو تعطل وتعطيل حقيقيين لعدد من الفيروسات والانحرافات والسلوكيات المختلة، في إزالة الصخور الكبيرة ما يعيد تأثيث ذواتنا وأطر التفكير والتوجهات، وثمة بلا شك صخور أخرى لا يجب تجاهلها وإنكارها ولا الانشغال عنها البتة، لكن الصخور الكبيرة تضربنا في العمق وتنسف صورتنا لدى الآخر وتدخلنا في دهاليز التناقض والازدواجية. الصخور الكبيرة مرة أخرى مزدوجة الضرر، أما صخورنا المحلية البحتة فهي لا تتطلب منا سوى قانون صريح وطاولات حساب وعقاب لا تلجأ إلى العاطفة كلما ثار العقل!