فضيلة الجفال

شهدت الرياض الجمعة الماضي حدثا له دلالاته الاستراتيجية حول العلاقة العريقة بين السعودية والولايات المتحدة. وكان ذلك منح مايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA الجديد الأمير محمد بن نايف ميدالية "جورج تينت"، وهي الميدالية التي تمنحها CIA للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب. ويعني ذلك اعترافا بإسهامات الأمير غير المحدودة في تحقيق الأمن والسلم الدوليين. ولا شك أن هذه الميدالية استحقاق لجهود المملكة الجادة في مكافحة الإرهاب بجميع مصادره. كما هي استحقاق شخصي للأمير بصفته محاربا قديرا وإداريا رفيعا منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، تخرج فيهما في مدرسة أبيه الأمير الحكيم نايف بن عبد العزيز ـــ رحمه الله. وهي في مجملها زمن من العمل الجاد الذي لا يجارى. وقد سبق أيضا أن حصل الأمير على اعترافات دولية رفيعة شتى في هذا الشأن لا يمكن حصرها في مقال، وليس آخرها منحه وسام "جوقة الشرف" الوطني من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.


لكن ما يميز الميدالية والإشادة الأمريكية هو توقيتها كما دلالتها. هي التي تعيد تأكيد متانة التحالف بين الرياض وواشنطن من جانب، كما يمكن اعتبارها اعترافا ليس فقط بتبرئة السعودية من محاولات إلصاق الإرهاب بها، بل تقليدها ميزة قيادة مكافحة الإرهاب دوليا. ولا سيما أن الميدالية تأتي من جهة مهمة مثل CIA. وبهذا الاعتراف يطوى ما استمات البعض في الترويج له من شكوك حول المملكة كالذي حدث قبل نشر التقرير السري لملف الـ 28 صفحة حول أحداث 11 سبتمبر، ومن ثم ثبتت لاحقا براءة السعودية من الشكوك. تلا ذلك قانون "جاستا" الذي يبدو أنه ولد ميتا وبلا روح. وقد كانت حملة مكثفة في محاولة لضرب العلاقات السعودية - الأمريكية. ولا شك أن هذا الاعتراف المتجدد، الذي سبقته اعترافات كثيرة صريحة من مسؤولين أمريكيين كبار مثل جون برينان المدير السابق للوكالة وغيره كثير، سيمهد لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين كما بقية الدول الغربية. خصوصا مع رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة التي تعطي الأمن والاقتصاد أولوية في سياساتها.
الإرهاب كان ذريعة فشل في استخدامها المناوئون للسعودية، وهي التي منذ عقود، مستمرة في التصدي للإرهاب بكل صوره وأشكاله ومتغيراته. الإرهاب الذي استهدف مواقع مختلفة منها نفطية ومصارف ومنشآت أمنية ونقاط تفتيش وملاعب ودوريات أمنية واغتيالات مسؤولين، ومنها المحاولة الفاشلة لاغتيال الأمير محمد بن نايف نفسه في 2009، إلى جانب اغتيالات عسكريين، ومقيمين غربيين، واختطاف مسؤولين، واستهداف مطارات عسكرية، وبعثات دبلوماسية، ومجمعات سكنية، ومساجد ومنها استهداف الحرمين الشريفين. وجهود الحكومة السعودية في محاربة الإرهاب لم تنحصر داخل أراضيها وحدودها، بل دعمت الدول الغربية كما العربية بالمعلومات الأمنية وتحذيرها من وقوع هجمات إرهابية كان بعضها وشيكا. وهذا ما تشهد به الإشادة الدولية بتفوق المملكة في مكافحة الإرهاب على مستوى العالم.