الياس الديري

 ما هكذا تُورَدُ الإبل. ولا بهذه الأساليب والألاعيب "تُورَدُ" الدول والأوطان والشعوب. وليس بالتعطيل والفراغ تُنجز القوانين، وتُصان المصلحة الوطنيَّة.

لبنان ينتقل من فراغ إلى آخر، ومن أزمة رئاسيّة إلى أزمة نيابيَّة، ومن خضَّة حكوميّة إلى خضَّة انتخابيَّة. طالت الحكاية كثيراً. ولسنوات. وخسر لبنان كل ما كان يميِّزه ويجذب أهل الشرق والغرب إلى ربوعه.
ناهيك بحزام النار الذي يلفّه من خارج، وحزام الألغام السياسيَّة من داخل، فيما يتزايد نفوذ الفساد، وتتصاعد أسهم الفلتان والتسيُّب.
لقد تحمَّل الوطن الصغير ما يكفي دزينة من الأوطان والدول الكبرى، إذ ينتقل من مشكلة صعبة إلى مشكلة أصعب، فضلاً عن الهزَّات والرعبات منذ كان "صغيراً" وناحلاً تحت وطأة الاحتلال العثماني، الى يوم بات "كبيراً" في عهد الانتداب الفرنسي، الى أن نال استقلالاً "تامّاً وناجزاً"، إنّما على الورق لا على الأرض، ولا واقعيّاً.
حتى اليوم، حتى اللحظة لا تزال القرارات "الكبرى" تأتي من خارج. سواء بالنسبة إلى الفراغات المتتالية أم الى مَلئِها.
أربعة عقود وهو على هذا المنوال. إما في حال حرب،
وإمّا في أزمة فراغ، أو قانون انتخابي، أو موازنة، أو سلسلة أو...
إلى أين تحاولون مجدّداً أخذ هذا اللبنان الذي لا
يختلف بحرف عن الأيتام؟ إلى انتخابات بلا قانون، أم الى التأجيل بحثاً عن قانون، أم الى رقصة "المحيَّرة" من أول وجديد؟
الأجواء السياسيَّة بصورة عامة لا توحي بأي اتفاق أو احتمال اتفاق على القانون المنشود. وقد تستهلك المحاولات والاقتراحات والمساعي فيضاً من الوقت، لا بحثاً عن مخرج أو الاهتداء الى حل، بل نتيجة الوضع السياسي الذي لا يزال مرتبطاً بتفاعلات من خارج.
وهذا الأمر لم يعد سرّاً. وقد يؤدّي ذلك كلّه الى تأجيل موعد الانتخابات، أو الى ما لا يدري أحدٌ على ما يبدو.
لا يجوز أن تبقى الدولة على هذا المنوال، وعلى صورة شركة ثلاثيَّة رباعيَّة خماسيَّة مغفَّلة، يفتِّش أعضاء مجلس ادارتها كلٌّ عن مصالحه وعما يجعل حصته هي الأكبر والأكثر سمنة.
سؤال إلى كبار المتنفَّذين والمهيمنين، تريدون لبنان شركة مساهمة أم وطناً؟
إلى هذه اللحظة، وإلى غدٍ، وإلى الأيام والأسابيع والأشهر، سيبقى هذا اللبنان في أرجوحة المصالح الخاصة ما لم يُتَّخذ قرارٌ بعودة دولة القانون والمؤسّسات.