خالد أحمد الطراح 

تلقيت مشكورا تعليقات مختلفة على مقالي بعنوان «أعطني قوانين.. لا كلاما سياسيا»، اتسم بعضها بالإشادة بواقعية المضمون، فيما أعرب آخرون عن عدم الاتفاق بأن هناك قصورا تشريعيا في ما يتعلق بالقضية المعروفة بـ«الإيداعات المليونية»، بينما خصني الصديق العزيز المحامي صلاح الهاشم بتعليق مكتوب على ما ورد في المقال، تضمن جزء منه توضيحا قانونيا بالنسبة لقوانين الجزاء وقانون حماية الأموال العامة وعتب المحامي لعدم كشف المصدر القضائي عن منصبه واسمه في التصريح الذي أدلى به المصدر القضائي إلى صحيفة القبس.
هناك جوانب قانونية أثارها المحامي الهاشم قد تكون سليمة كليا أو تكون قابلة للجدل القانوني، أو تم تفسيرها من وجهة نظر أحادية، والفصل في مثل هذه الأمور سواء من الناحية القانونية أو روح القانون من اختصاص مرفق القضاء في تأييد أو عدم الاتفاق مع ما استعرضه المحامي الهاشم في رده.
مهنيا، ولحساسية بعض الموضوعات، يمتنع من يعمل في مرفق القضاء عن الإدلاء بتصريحات صحافية معلنا عن منصبه واسمه، وهو أمر متعارف عليه صحافيا، حيث إن كثيرا من التعليقات والأخبار يتم نشرها ونسبها إلى مصادر قانونية أو قضائية أو أمنية، بينما هناك وجود رؤساء محاكم وقياديين في النيابة العامة يصرحون بشكل رسمي لأهداف أيضا قانونية ومنعا لأي لغط أو تفسير خطأ لأي قضية قيد البحث القانوني، لذا ألتمس العذر لمن يعمل في مرفق القضاء في عدم الكشف عن هويته، لكني لا أجد مبررا لما يصدر عن الحكومة من تصريحات تحت مسمى مصدر رفيع أو موثوق!
أما بالنسبة للجان مجلس الأمة، فمن باب الإنصاف التوضيح أن هناك تقارير تحقيق برلمانية ومقترحات بقوانين لا ترى النور ، ليس نتيجة تقاعس أصحابها وإنما بسبب عدم وجود أغلبية حين يتم التصويت على ما يتم طرحه في جلسات مجلس الأمة وإذا هناك ثمة عتب فينبغي توجيهه إلى الناخب الذي لا يحاسب ممثلي الأمة الذين يصوتون أحيانا لمصالح معينة وليس لمصلحة البلد، وهي قضية سبق للمحامي الهاشم طرحها، ولكنها، للأسف، لم تجد لها جمهورا مؤيدا!
شكرا للمحامي صلاح على اهتمامه، والشكر موصول سلفا لمن يرغب في إثراء النقاش.
* * *
سأضع هنا نص التعليق الذي جاء تحت عنوان «حين يكون للمجتهد.. أجر واحد».. للفائدة وبهدف إثراء النقاش في هذه القضية المهمة والحساسة:
قرأت مقالكم الأخير المنشور بتاريخ 20/3/2017 بعنوان «أعطني قوانين لا كلاما سياسيا» بشأن قضايا الإيداعات المليونية، وهو قول كما أوردت من «مصدر قضائي» لم يفصح عن اسمه.. واسمح لي كمحام متابع لهذا الموضوع منذ بدايته أن أتساءل عن جدوى كلام لا يرغب صاحبه في قول اسمه أو صفته، فمصداقية القول تنبع من جرأة صاحبه وكشف اسمه، أما ترديد كلام إنشائي لرفع العتب فهو أمر تجاوزناه.
لقد حفظت النيابة دعوى الإيداعات بمذكرة أوردت فيها أن السبب هو «نقص التشريعات»، وهو أمر غير دقيق، لا سيما إذا علمنا بوجود ثلاثة قوانين سارية المفعول تنطبق على هذا الفعل:
الأول – وفق المادة 43 من القانون رقم 31/1970 (قانون الجزاء المعدل) فإن النائب موظف عام.. كما تنص المادة 35 من القانون ذاته على عقوبة الحبس عشر سنوات على «كل موظف عام طلب أو قبل لنفسه أو لغيره وعدا أو عطية…»، وبالتالي فإن هناك تشريعا واضحا للتطبيق على تضخم الحسابات.
الثاني – قانون حماية الأموال العامة نص في مادته الأولى على كون «الأموال العامة حرمة وحمايتها ودعمها والذود عنها واجب على كل مواطن»، وهي ذات مفهوم المادة 17 من الدستور.. وبالتالي إذا تبين في التحقيق أن الأموال المسلمة إلى النائب هي أموال عامة وجب تطبيق نصوص المواد من 9 – 14 من هذا القانون الساري الملزم.
الثالث – مخالفة القانون المصرفي الذي يلزم بيان مصدر الأموال وسؤال من أعطى؟ ولماذا؟ وهي أسئلة مشروعة.
الكلام كثير يا صديقي.. ولكن غياب تدخل مجلس الأمة ولجانه المتعددة الخاصة بحماية المال العام، أعطى للأسف الشديد مشروعية باطلة لقضايا عدة وأيضا غياب الدور المدني الكويتي.
الحل يا صديقي: أن يكون لكل مواطن حق التظلم المباشر من أي أمر حفظ لأي قضية، ويجب أن يكون للقضاء مباشرة سلطة الرقابة المباشرة على تصرفات سلطات الدولة، ومنها النيابة العامة وهي رقابة مشروعة مطلوبة من قبل أي مواطن بغض النظر عن توافر المصلحة أو الصفة.
هنا نحقق ما تقوله المادة السادسة من الدستور: «الأمة مصدر السيادة».
نقول ذلك.. وللقارئ حق الفهم!