محمد الساعد

يبدو أن قدرنا منذ الستينات، وحتى اليوم، أن يقتات على تفاصيلنا الداخلية، بعض عرب الشمال، ومطلقات القومجية، وفلول البعث، ورجيع الإخونجية، من بائعي الضمير في أسواق النخاسة العربية، وشيء من صحافة الشام والمهجر، التي تشن علينا حملات من التشويه والسباب، لا يقابلها فعل مبرر، ولا تعطيهم الحق في تناول شؤوننا بتلك الخشونة الظاهرة.

بدأت القصة، مع اشتغال عدد من عرب الشام ومصر وشمال أفريقيا، في قناة البي بي سي العربية، التابعة لحكومة ملكة بريطانيا الاستعمارية العظمى، أليست هي من قدمت لليهود وطنا، ومع ذلك يعمل «القومجيون»، ويعيشون، ويأخذون العطايا، والمساعدات، من الحكومة الإنجليزية، ثم يسبون الحكومة السعودية.

بالطبع كان ذلك الإعلام – حينها -، هو المحرك للضمير العربي، وقادر على ترسيخ صورة ذهنية سلبية عن الخصوم، ومن هنا جاء مشروع صحيفة الشرق الأوسط، وإم بي سي، كجزء من الرد على هذه الحرب المستعرة.

مع خروج مجلات المهجر من المشهد، منتصف التسعينات، اندفع الرعيل الأول من إعلاميي «البي بي سي»، لتحويل المشروع الإذاعي إلى تلفزيوني، فالتقطهم بعض المستثمرين من عرب الخليج، الذين أنشأوا معهم قناة الجزيرة.

بالطبع لسنا هنا في وارد نقد «الجزيرة»، على ما قدمته، أو تشريح لما فعلته، لأن الأمر يحتاج لدراسات معمقة، فكل العرب، الذين خسروا ملايين الأرواح والمشردين واللاجئين، خصومهم.

مع بدء الثورات العام 2010، كانت الجزيرة جاهزة، إلا أنها لم تكن كافية، فتمت الاستعانة، بكل «السقط واللقط»، ممن قدموا أنفسهم للعمل في «الخريف»، مدافعين عنه، أو خصوما لأعدائه.

فنبتت المواقع الإخبارية كالفطر، بلا هوية، ولا إدارة مركزية، يكمن الاستدلال عليها، إلا أن الهدف كان جر دول الخليج، وبالأخص السعودية، لمستنقع الثورات، والاحتراب الداخلي.

خلال السنوات الست الماضية، دخل على مشهدنا المحلي، العشرات ممن وجدوا أن الارتزاق على قضايانا مربح، بالتأكيد سهل ذلك سذاجة بعضنا، وربما غضب بعضنا من بعض، يبرز على رأس تلك القائمة، إحسان الفقيه، وجيري ماهر، وأنور مالك، وعبد الباري عطوان، وللتوضيح، فعادة ما يُستخدم التكتيك التالي..

أولا: يتم الهجوم بشراسة على المملكة، ورموزها، ومشروعها الديني والسياسي والاجتماعي، وتشويه سمعتها، وكيل التهم الرخيصة، والوقوف مع خصومها.

ثانيا: بعدما يحصل الانتباه، يبدأ الانقلاب، وإرسال إشارات عن إمكانية الوقوف مع السعودية، وتعضيد مشروعها السياسي، لكن مع دفعه، للالتقاء مع المخطط الإقليمي للإخوان، وتيارات الإسلام السياسي.

ثالثا: الهجوم على الوطنيين السعوديين، والدخول في مناطق حساسة جدا في المشهد المحلي، لبناء مشروع طائفي – إن أمكن -، والتشويه المبرمج للمكونات الاجتماعية، خاصة غير السنية.

رابعا: يبدأ فريق التشجيع الداخلي، في تصعيد نجومية الأعداء القدامى، وتغييب بذاءاتهم، وتغليف حضورهم الجديد في إطار محافظ، يستحضره العاطفيون، ويتسابقون للدفاع عنه.

فكيف بالله يتقدم «المسيحي»، جيري ماهر، المقيم في شمال أوروبا، ليدافع عن إسلام المملكة، بالهجوم على الشيعة السعوديين، محاولا بناء شرخ في العلاقة الاجتماعية بين المكونات.

إحسان الفقيه ذات الخلفية البعثية، أو جيري ماهر، ليسوا وحدهم من يظن أن السعودية في حالة سيولة، يستطيع معها، وهو في «أنسه» الأوروبي، أن يخلق احترابا سنيا شيعيا، في وطن يقف على خط حدوده، خلال تصديه للمشروع الإيراني، جنود من السنة والشيعة، كتفا بكتف، وشهيدا بشهيد.