محمد نمر

 لا تزال فكرة زيارة وزير الخارجية السعودي عادل #الجبير إلى لبنان موضع نقاش في المملكة، ويبدو أنها ستكون نتيجة "الاختبار" الذي سيخوضه لبنان في القمة العربية الأسبوع المقبل في الأردن، إذ سبق وتم تعليق الزيارة لسببين: الأول يعود إلى انزعاج السعودية من مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون تجاه سلاح#حزب_الله والتي عاد وحاول تداركها بتأكيده الالتزام بقرار الـ 17011، والسبب الثاني وضع الأولوية في السياسة الخارجية الفترة السابقة لجولة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الآسيوية.

وكان لافتاً أن كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن #نصرالله الأخيرة، وعلى الرغم من تطرقه إلى#السعودية مرات عدة، أقل حدية من التي سبقتها، وتعتبر بمثابة محاولة لعدم إحراج رئيس الجمهورية الذي سيشارك للمرة الأولى في هذه القمة ويرافقه رئيس الحكومة سعد الحريري مجسداً "خط الدفاع". وعلى الرغم من تأجيل زيارة الجبير فإن لبنان سيشهد خلال الفترة المقبلة زيارة مسؤولين سعوديين من دون أن يكون لهم أجندة سياسية مرتبطة بالدولة اللبنانية، وسيقتصر هدف حضورهم على النشاطات السعودية في لبنان كالتي شهدناها أخيراً في مقر السفير في اليرزة في إطار الملتقى الثقافي السعودي - اللبناني.

أخبار ذات صلة

الملك سلمان ألغى مشروع زيارة للبنان بعد موقف عون من سلاح "حزب الله" وتصريحات...

والمراقبون لنشاط السعودية في لبنان، يسجلون عدم توقفه لكنه "مقنن" سياسياً، وسجل أخيراً الدعم المالي لأهداف طبية انسانية لمستشفى المقاصد في بيروت، فضلاً عن الحركة الناشطة المستمرة التي يقوم بها القائم بالاعمال السعودي وليد بخاري في المؤسسات واللقاءات شبه اليومية مع شخصيات لبنانية، اضافة إلى البرامج المستمرة في دعم اللاجئين السوريين، لكن الأكيد أن "الفرامل السعودية" عطلت مشاريع واستثمارات كبرى وزيارات أكثر أهمية لمسؤولين سعوديين.

في القمة تتردد معلومات عن تحفظ لدول خليجية على بند "التضامن مع لبنان"، في وقت يرتفع فيه المنسوب التهديدي الإسرائيلي للبنان أكان عبر حدوده البرية أو البحرية. في المقابل سيتحفظ لبنان على تصنيف حزب الله "ارهابياً" بناء على أن الحزب مكون لبناني وفي التركيبة السياسية، لكن هل سيميز حضور الحريري موقف لبنان من هذه القمة؟ يستبعد المراقبون ذلك، في ظل قرار داخلي لبناني بعدم تعويم القضايا الخلافية كسلاح "حزب الله" والاستراتيجية الدفاعية وتدخل الأخير في سوريا، باعتبار انها "قضية اقليمية" ولا يمكن للبنان أن يكون صاحب القرار فيها. وتالياً يحتاج لبنان إلى موقف عاقل من عون أمام الدول العربية مهما علت السقوف تجاه ايران والحزب، وفي الوقت نفسه تحتاج التسوية في لبنان إلى موقف هادئ من الحريري تجاه "حزب الله" مع ترجيحات بأن يكون خطاب القسم بوصلة خطاب عون مع التشديد على التزام لبنان الثوابت العربية. وبكل الأحوال هناك من يرى أن مجريات القمة أكبر من قضايا لبنان، وأن الضرر الأكبر سيحضر مع أي قرار لفرض عقوبات على ميليشيات ايرانية ومنها "حزب الله"... لكن هل فعلاً تريد السعودية مواجهة مع "حزب الله" لتعيد العلاقة مع لبنان؟

يتابع المحلل السياسي خالد الدخيل مسار العلاقات اللبنانية - السعودية، ويقولها صراحة: "السعودية اكثر من يتفهم الوضع في لبنان، ولم تطلب يوماً رفع السلاح بوجه حزب الله، ولا أن يصطدم الجيش به، تريد أن تلمس وجود دولة سيدة لا يحكمها حزب الله وايران"، وبالتالي ما المطلوب من رئيس الجمهورية؟ يجيب "أقله فصل سياسة الدولة عن أجندة حزب الله وألا يكون موقع الرئاسة للدفاع عن الحزب وتغطيته، وأقله أن يصدر مواقف يطالب فيها حزب الله بالخروج من سوريا"، مذكراً بأن "السعودية غطت سلاح حزب الله عندما كان دوره مقتصراً على مواجهة #اسرائيل، وذلك بعد اتفاق الطائف الذي يقر على نزع سلاح الميليشيات".

ما يحصل اليوم أن السعودية ترى صعوبة في استيضاح الموقف اللبناني، "انه وضع مربك" يقول الدخيل ويؤكد: "لم يعد حزب الله بالنسبة إلى دول الخليج يجسد منطق المقاومة، واليوم ثمّة مشكلة واضحة بالمنطقة ترتبط بالسلاح والميليشيات والارهاب والطائفية، وبالتالي التبرير لميليشيا خارج منطق الدولة بات مرفوضاً، وهذا من المآخذ على رئيس الجمهورية، وفي ظل الحديث عن إرهاب "جبهة النصرة" و #داعش، لا يمكن عدم الحديث عن ارهاب الميليشيات الاخرى، إذ لا يمكن رفض الارهاب السني والسكوت عن الارهاب الشيعي، فحزب الله جزء من منظومة ميليشيات في المنطقة كالحشد الشعبي وغيره، ولا بد من التفاهم مع حزب الله حول سلاحه بهدف الزامه بمصطلحه "مقاومة" وأن يتم احتواء الحزب، وألا تكون الدولة جزءاً من هذه المنظومة الميليشياوية". ويشدد على أن "السعودية تريد علاقة متميزة مع لبنان لأن فيه تعددية وتريده صورة مشرقة في المنطقة لما فيها من ثقافة وفن ومسرح، وكل هذا اليوم يتم تدميره، فهل من المقبول أن يتم رهن كل البلد بسبب هذا السلاح؟".