اتصلت منطقة جنوب شرقي آسيا بالعالم العربي منذ مئات السنين قبل ظهور الإسلام فيها، وكان معظم التواصل عن طريق تجارة البهارات. ووفق المصادر التاريخية، فإن أول عربي استقرّ في تلك الأصقاع حل هناك في القرن الخامس الميلادي. ولقد برز العرب، وجلهم من حضرموت في كيانات المنطقة وأسس بعضهم سلالات حاكمة كسلاطين بونتياناك (أقام هذه السلطنة الشريف حسين أحمد القادري سلطان مانشان عام 1735م) بجزيرة بورنيو (كاليمنتان) التي تتقاسمها اليوم كل من إندونيسيا وماليزيا وسلطنة بروناي.

وحالياً يقيم المتحدرون من أصول حضرمية في الكيانات الأربعة المستقلة في جنوب شرقي آسيا، وهي إندونيسيا وماليزيا وسلطنة بروناي وتيمور الشرقية، التي كانت مستعمَرَة برتغالية حتى 1975، ضمتها إندونيسيا إليها في مرحلة الاستقلال، لكنها عادت فاستقلت عنها عام 2002. ومما قاله الرئيس مهاتير (أو محاضر) محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابق، عن الحضارم في جنوب شرقي آسيا، قوله إن ماليزيا لم تتعرض لفتوحات إسلامية ولم تُرغَم على اعتناق الإسلام وإنما اختاره أهلها، واهتدوا إليه من خلال التجار المسلمين الذين جاءوا إلى بلادهم من حضرموت «وكانوا غزيري العلم ولم تكن فيهم حماقة أو جبروت المستعمرين بل كانوا بكل بساطة إخباراً ومرآة صادقة تعكس تعاليم الإسلام السمحة، فأسروا بسلوكهم حكام الولايات فاعتنقوا الإسلام بل حثوا شعوبهم على اعتناقه».

ومما يُذكَر عن ثراء الحضارم في هذه المنطقة أنهم احتكروا عملياً التجارة البحرية وكانت لهم أربعة أساطيل، يقال إنها كانت تمخر عباب المحيط الهندي والبحر الأحمر خلال القرن الميلادي الـ19 منها أسطولان لأسرة السقاف في جاوة وسنغافورة، وثالث لأسرة العيدروس، ورابع لأسرة خنيمان في سومطرة.

وفي المجال الثقافي يشير الزميل فاروق لقمان مِن على صفحات صحيفة «الشرق الأوسط» قائلا إن ريادة الحضارم في جنوب شرقي آسيا لم تكن تجارية فحسب، بل ثقافية أيضاً. ويضيف أنهم في «تلك البلاد البعيدة التي اكتشفوها من أقصى الركن الجنوبي في جزيرة العرب (حضرموت) قبل أقرب الناس والبلدان المجاورة، وأسسوا في بدايات القرن الماضي أكثر من صحيفة ومجلة لنشر الدين والآداب، فقد سعوا للتعريف بالدين الإسلامي والحضارة العربية الإسلامية، وعلى أيديهم اعتنق المئات من السكان الإسلام ديناً. وكانت أولى الصحف الدينية باسم (الإمام) عام 1906م وكانت تصدر أسبوعيا لمحمد بن عقيل بن يحيى. وبعد عامين أي 1908م أصدر صحيفة أخرى أطلق عليها اسم (الإصلاح) تعنى بالآداب والدين معاً. وفي عام 1931م أصدر حسين السقاف مجلة أسبوعية جامعه باسم (النهضة الحضرمية)، وأصدر أحمد عمر بافقيه (الشعب الحضرمي) كمجلة جامعة تُعنَى بشؤون الشعب الحضرمي في الغربة. وكذلك فعل عبد الله بن عبد الرحمن الحبشي مصدراً (الذكرى) نصف شهرية كمجلة دينية».

وأما في الميدان السياسي فلقد تبوأ عدد من المتحدرين من أصول حضرمية مواقع سياسية مهمة ومرموقة في بلدان المنطقة، كما ظهرت منهم شخصيات لعبت أدواراً مؤثرة.

من أبرز هؤلاء:

عبد الرحمن باسويدان (1908 - 1986): وزير الإعلام السابق، وأحد قادة الاستقلال في إندونيسيا.

علي العطاس (1932 - 2008): وزير خارجية إندونيسيا بين عامي 1988 و1999، وكان بذا وزير الخارجية الأطول خدمة في تاريخ البلاد.

علوي عبد الرحمن شهاب (1946): وزير تنسيق الخدمات الشعبية في إندونيسيا بين 2004 و2005، ووزير الخارجية بين 1999 و2001.

عبد الله أحمد بدوي (1939): رئيس وزراء ماليزيا بين 2003 و2009.

مرعي الكثيري (1949): ثاني رؤساء وزراء تيمور الشرقية (2002 - 2006).. . .