سمير عطا الله 

بعد مائة يوم على رئاسة دونالد ترمب، اقترعت أكثرية الفرنسيين لرجل آخر من خارج السياسة والسياسيين. وإذا ما فاز إيمانويل ماكرون بالرئاسة في 7 مايو (أيار)، فستكون فرنسا، مثل أميركا، قد انتخبت للمرة الأولى في تاريخها، رئيساً لا ماضي سياسياً له.


الجيل الجديد يتقدم ليأخذ مكانه في عالم متغير. أو بالأحرى عالم متطور. وتلك هي سنة الحياة، لا سنة السياسة وحدها. وهذا ما سميته «جيل الثلاثين» عندما طرح الأمير محمد بن سلمان «رؤية 2030»، مشروعاً يقوم على متغيرات الوقائع وعناصر الاستقرار.
وكل تطوير يفاجئ الناس. اقتراع أكثرية الفرنسيين لماكرون فاجأ العالم أجمع. وسوف تكون المفاجأة أقل عندما يختار ماكرون حكومته، أو إدارته، من «جيل الثلاثين»، انسجاماً مع رؤيته لفرنسا وطموحاته لإخراجها من حالة الجمود التي تمر بها منذ سنوات.
تلك هي رغبة الفرنسيين في أي حال. وكما قال الأمير محمد بن سلمان لـ«الواشنطن بوست»، تلك هي رغبة السعوديين. والرؤية ليست قراءة فقط، بل شجاعة أيضاً. والوقت يسابق أعمار الأمم، كما يسابق أعمار الأفراد. وهو أثمن ما يملك الفريقان.
إذا كان من اختصار للقرارات الملكية الأخيرة، فإنها قرارات مستقبلية. إعادة توزيع المهام والمسؤوليات على حيوية الشباب، ووضعهم أمام التحديات التي تنتقل من جيل إلى جيل.
الحكم رؤية وأمانة وقرار. وثلاثتها تفترض التطلع إلى الأمام؛ لأن الجمود عدو الأمم والشعوب. إنه يولّد الخمول والكسل، ألد أعداء الاقتصاد والنمو.
قبل نحو العام، أعطى الأمير محمد بن سلمان مقابلة موسعة لمجلة «الإيكونومست»، كبرى المجلات العالمية، شرح فيها العناصر الأساسية في «رؤية 2030». وفي مقابلته مع «الواشنطن بوست» أكد أنْ لا عودة إطلاقاً عن مسار التطور والتقدم. ولمثل هذا المسار وجهة واحدة هي المستقبل، والطرق إليه واضحة.
ها هي فرنسا تغير النظرة إلى النظام السياسي في الغرب: لا يمين ولا يسار. رجل يأتي من المستقبل ومن خارج أي إطار سياسي، ليصبح، ربما، رئيس إحدى الدول الخمس الكبرى. وقبله انتخب الأميركيون رجلاً لم يعمل في السياسة في حياته؛ لأنه وعدهم بتحصين وتحسين حياتهم الداخلية، وحماية بلدهم من الأخطار الصغيرة والكبيرة. وما من خطر صغير في الأرض..