وحيد عبدالمجيد

تختلف دوافع العمليات الإرهابية وترتبط بعوامل متنوعة يجملها الباحثون غالباً فى عاملين رئيسيين، هما المؤثرات فكرية والظروف مجتمعية0 وتتيح المقارنة بين هجوم باريس يوم الجمعة الماضى, وهجومى لندن وستوكهلم (23 مارس و15 أبريل), المزيد من المعرفة بالوجوه المتعددة للإرهاب0 يدخل هجوم باريس, مثل الهجمات الأخيرة فى فرنسا, ضمن الإرهاب المدفوع بمؤثرات فكرية تفعل فعلها فى ظرف محدد يختلف من حالة إلى أخرى0 

أما هجوما لندن وستكهولم فتدل ملابساتهما على أن ظروفاً مجتمعية خلقت منعطفات حادة فى حياة كل من الإرهابيين اللذين نفذاهما، وقادتهما إلى حالة تطرف لم تكن لها مقدمات واضحة. 

أولها انجليزى قلباً وقالباً كان اسمه أدريان إيلمس، ثم حمل اسم خالد مسعود، عندما اعتنق الإسلام. والثانى رحمت عقيلوف مهاجر من أوزبكستان يخلو سجله الأمنى من أى مؤشر يدل على تطرفه قبل أن يسعى للهجرة إلى أوروبا. وأفاد شهود فى التحقيقات التى أُجريت فى السويد بأنه غير ملم حتى بأبسط المعلومات عن الإسلام. 

وهما يتشابهان أيضاً فى وجود سجل إجرامى جنائى، وليس سياسياً، لكل منهما. وقد أمضى مسعود, الذى عُرف عنه سلوكه العنيف فى علاقاته الشخصية والاجتماعية، عامين فى السجن لهذا السبب. 

وثمة وجه ثالث للشبه بينهما يتعلق بالحالة النفسية. فالمعلومات المتوفرة الآن تفيد بأن كلاً منهما يعانى اختلالات نفسية تبدو أشد فى حالة عقيلوف. وربما تكون هذه الاختلالات تفاقمت بعد رفض طلب الهجرة الذى قدمه عقب وصوله إلى ستوكهلم، وتحايله على قرار ترحيله، والتحاقه بعمل مؤقت فى شركة نظافة أفاد زملاؤه فيها أنه كان يتعاطى المخدرات. 

ولا تخفى دلالة سلوكه عقب تنفيذه الهجوم الإرهابى . فقد تمكن من الهرب، وربما كان فى إمكانه أن يختفى. ولكنه دخل متجراً فى احدى محطات الوقود القريبة من موقع الهجوم، وأخذ يصيح قائلاً: إنه منفذ هذا الهجوم حتى ألقت الشرطة القبض عليه. 

ولا يستبعد المحققون، قياساً على حالات سابقة، أنه أراد أن يقضى بقية حياته فى سجن سويدى يتمتع فيه بمميزات لا تتوافر لمهاجر مطارد ومهدد بالترحيل ولا يطمح إلى أكثر من الطعام والشراب فى مكان مريح حتى إذا كان قفصاً مغلقاً. 

وهكذا تتطلب المواجهة الفاعلة للإرهاب إدراكاً لوجوهه المتعددة وقدرة على التمييز بينها.