زياد الدريس

عنوان هذا المقال يحاكي اسم الفيلم المصري: الإرهاب والكباب. الفارق بين العنوانين أن المشاهدين تساءلوا كثيراً عن علاقة الكباب بالإرهاب، وأن الربط بينهما هو فانتازيا كوميدية صنعها الكاتب وحيد حامد لجذب المشاهدين. أما العلاقة بين الإرهاب والانتخاب فلم تعد الآن مثار تساؤل كبير كما كانت من قبل، ولا هي فانتازيا كوميدية لجذب المشاهدين، بل ربما فانتازيا مأسوية لجذب الناخبين!

قبل أسابيع من يوم الاقتراع الأولي لانتخاب رئيس جديد لفرنسا، كانت التقارير الاستخباراتية تحذّر من وقوع عمل إرهابي في فرنسا عشية الانتخابات.

وقبل أسبوعين فقط من التصويت قال لي أحد المهتمين بالانتخابات الفرنسية، وقد تصاعدت فرص بعض المرشحين في استطلاعات الرأي، إن زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف لا تحتاج سوى إلى عمل إرهابي واحد ينقذها يوم التصويت!

في مساء الخميس ٢٠ نيسان (أبريل) الجاري، قبل التصويت بثمان وأربعين ساعة فقط، وقع حادث تبادل إطلاق النار بين إرهابيين ورجال الشرطة في جادة الشانزليزيه. في صباح الأحد اختار الشعب الفرنسي المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبن لتنافس مرشح اليسار المعتدل إيمانويل ماكرون على مقعد الرئيس الفرنسي في الجولة النهائية القادمة.

وعلى رغم أن استطلاعات الرأي الجارية الآن تعلن توقعاتها شبه المؤكدة بأن ماكرون هو الذي سيفوز بمقعد الرئيس يوم ٧ أيار (مايو) المقبل، إلا أن هذا لا يقلل من الانتصار الذي حققته لوبن من خلال سحقها بقية المنافسين ووصولها إلى الدور الثاني من الانتخاب بنسبة ٢١ في المئة‏ بعد أن كانت حصلت في انتخابات عام ٢٠١٢ على نسبة ١٨ في المئة‏ فقط، ما يؤكد أن التطرّف في تصاعد، من أطرافه كافة، وليس من طرف واحد فقط.

من الملفت أن وصول مرشح اليمين الفرنسي المتطرف إلى الدور النهائي لم يتحقق سوى مرتين: الأولى على يد مؤسس وزعيم «الجبهة الوطنية» (اليمينية المتطرفة) جان ماري لوبن، والد الزعيمة الراهنة، أمام جاك شيراك الذي فاز بالرئاسة حينذاك، وكان ذلك في انتخابات العام ٢٠٠٢، أي خلال أجواء ما بعد أحداث أيلول (سبتمبر) ٢٠٠١ وتبعاتها الأيديولوجية والعسكرية. والمرة الثانية حين فازت الابنة لوبن هذا العام الذي تزايدت فيه وفي العامين السابقين له حوادث الإرهاب في أوروبا، وفي فرنسا خصوصاً.

مجرد ذِكْر اسم «داعش» قرينة أي عمل إرهابي يقع في هذا العالم يجعله عملاً إرهابياً أصيلاً وذا نكهة خاصة، إذ إن «اسم داعش أصبح (فرانشايز) براقاً لترويج الإرهاب»، كما يصفه الكاتب عبدالرحمن الطريري بامتياز. فكيف بمفعول هذا الاسم المتوحش على الناس إذا تردد قبيل التصويت بساعات قليلة؟!

فطِن بعض المرشحين إلى ما تُحدثه وصفة (الإرهاب والهجرة والحجاب) من منافع انتخابية، فحاول المرشح فرانسوا فيون اللعب بها عبر تصريحات منبرية متداولة ربط فيها السلفية والوهابية ودولاً خليجية بالإرهاب، لكن وصفته لم تكن ذات مفعول مجدٍ، إما لأنه استخدمها في غير موضعها أو لأنها بجرعات زائدة كانت لها آثار عكسية!

نتناول هنا الانتخابات الفرنسية بوصفها نموذجاً لما حدث في الانتخابات الأميركية، أو لما قد يحدث في الانتخابات الألمانية أو الروسية أو الإسرائيلية.

السؤال الكريه هو: هل حقاً أصبح للإرهاب منافع ومنتفعون؟!