سعيد الحمد

تناقلت بعض وسائط (الميديا) مقالاً اشترك في كتابته وتعاون على صياغته تسعة من مسؤولي إدارة أوباما السابقة ينصحون فيه دونالد ترامب الرئيس الأمريكي قبيل زيارته التاريخية للرياض، وقد ضاعت آثار ذلك المقال وربما لم يقرأه ترامب الذي كان مشغولاً مع كبار مساعديه في ترتيب جدول زيارته التي كانت ضربة موجعة لكبار مسؤولي ومستشاري أوباما بالذات الذين دفعوا رئيسهم السابق أوباما للرهان على الحصان الخاسر «ايران» وورطوه في سياسة التودد لعمامة طهران واستعطافها نظير التوقيع على معاهدة الاتفاق النووي، وهو الاتفاق الذي كانت طهران تسعى له أصلاً وتريده لرفع العقوبات الدولية عنها، وهي العقوبات التي أنهكت أوضاعها المأزومة بالحروب التي زجت ايران جيوشها وفرقها والميليشيات الموالية لها فيها، وظلت ومازالت تدفع من قوت شعبها لهذه الحروب وتمولها من الميزانية العامة للدولة والشعب.

هؤلاء المسؤولون او المستشارون التسعة السابقون في الادارة الأوبامية غير المأسوف عليها لا شك أنهم ذهلوا بحجم الاتفاقيات والصفقات التجارية التي تم التوقيع عليها في الرياض، أو تلك التي تم الاتفاق عليها مع الشركات الأمريكية العملاقة، التي رافق رؤساؤها التنفيذيون الرئيس ترامب في زيارة ليست للسياحة أو المجاملة البروتوكلية بقدر ما هي زيارة عمل كبيرة ومهمة، يتوج توقيعات اتفاقياتها ما تم الإعداد والتحضير والترتيب له أثناء زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد لواشنطن، وهي الزيارة التي أزالت الألغام التي زرعها أوباما ومستشاروه على طريق العلاقات الخليجية الأمريكية.

ومن المؤكد أن المسؤولين التسعة الذين كتبوا المقال «النصيحة» لترامب كانوا من بين من زرع ومن لغم طريق العلاقات العربية والخليجية تحديدا مع واشنطن، ومن المؤكد أيضا انهم كتبوا واشتركوا في صياغة تلك المقالة وحرصوا على نشرها قبيل الزيارة في محاولة أخيرة يائسة وبائسة لابقاء طريق علاقاتنا الخليجية مع امريكا ملغومة يشوبها نفور غير مسبوق طوال تاريخ العلاقات الخليجية الأمريكية بسبب ونتيجة نصائح هؤلاء المستشارين والمسؤولين الذين اخرجهم أوباما من القمقم الذي أهدته له فارس القديمة.

والمقالة ركزت نصيحتها في الحرص على الاتفاق النووي وخشيتها من أن تؤثر زيارة ترامب عليه سلبا بما يوحي وبما يشير بشكل او بآخر حسب المقالة، وكأن مشكلتنا في الخليج العربي مع طهران هي الاتفاق النووي وهو آخر ما يفكر فيه الخليجيون العرب الذين أعلنوا طوال سنواتٍ طويلة أن مشكلة دول المنطقة مع النظام الايراني هي تدخلاته بالقوة الانقلابية والارهابية عبر مليشياته واحزابه الموالية في الشأن الداخلي لبلدان المنطقة وزعزعة استقرارها وأمنها الوطني وسلمها الأهلي، ونسيجها الاجتماعي وضرب اقتصادياتها وتعطيل عجلة التنمية فيها.

المسؤولون التسعة الذين كتبوا المقال المذكور ما زالوا أسرى العقيدة الأوبامية التي اخترعوها ودفعوا رئيسهم «أوباما» لتطبيقها حرفيا أضاعوا هيبة بلادهم أمام اسلوب التسوّل وشحذ رضا طهران بطريقة أساءت للهيبة الأمريكية المفترضة، وضاعفت يومها من الغرور والصلف والتعالي الايراني، وهو غرور وصلف من مواريث العقيدة أو العُقدة الفارسية الصفوية التاريخية المعروفة التي بالقطع لا يعرفها ولا يفقهها مستشارو أوباما الذين لم يهتموا ولم يعتنوا بدراسة وقراءة السيكولوجية القومية المتعصبة للفرس في طبعة مشروع الولي الفقيه، وكان هدفهم وقد أفل نجم رئيسهم أوباما وقتها صنع انجاز له ولو كان ذلك على حساب الهيبة الامريكية.