بولا أسطيح

تضع القوى السياسية في لبنان اللمسات الأخيرة على اقتراح تقدم به النائب جورج عدوان، من حزب «القوات اللبنانية»، لقانون انتخاب يعتمد النسبية الكاملة وتقسيم لبنان إلى 15 دائرة، يرجح أن يبصر النور في الأسبوعين الأولين من شهر يونيو (حزيران) المقبل، قبيل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي في الـ20 من الشهر نفسه.

منسوب التفاؤل بالوصول إلى اتفاق وشيك كان قد ارتفع بعيد قرار رئيس البرلمان نبيه برّي تأجيل موعد الجلسة الذي كان مقررا غداً الاثنين، أسبوعا كاملا، على أن يقترن ذلك بتوقيع رئيس الجمهورية مرسوم فتح دورة استثنائية للمجلس الذي تنتهي دورته العادية نهاية شهر مايو (أيار) الجاري.

هذا، وتجري المشاورات الحالية بين القوى السياسية، وفق مصادر الثنائي الشيعي - أي حركة «أمل» التي يرأسها برّي و«حزب الله» - بـ«سرية مطلقة لضمان وصول الأمور إلى النتائج المرجوة». وتضيف المصادر نفسها أن «التفاؤل الذي يطغى على الأجواء جدي وحقيقي للمرة الأولى، إلا أن ذلك لا يعني الإفراط به، خاصة، وأن المسألة غير مبنية على أسس ثابتة وتبقى رهن خواتيمها». وتضيف المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «النسبية الكاملة باتت أمرا واقعا تماماً كما الدوائر المتوسطة، والنقاش حاليا يرتكز على عدد هذه الدوائر والصوت التفضيلي ومطالبة الفريق المسيحي بنقل عدد من المقاعد النيابية من دوائر إلى أخرى».

من ناحية ثانية، ترتكز المفاوضات الحالية من جهة «التيار الوطني الحر» (التيار العوني)، وفق القيادي في التيار الوزير السابق ماريو عون على «كيفية ضمان مصلحة المسيحيين في القانون المرتقب إقراره»، إذ لفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه المصلحة يتم تأمينها من خلال الضوابط المتمثلة بعدد الدوائر والصوت التفضيلي، كما بنقل عدد من المقاعد المسيحية من دائرة إلى أخرى». وأضاف: «نحن لم نكن يوما ضد النظام النسبي لكن الموضوع بحاجة إلى دراسة متأنية».

وحول حسابات الربح والخسارة، يؤكد خبراء انتخابيون أن «النسبية الكاملة» لن تصب في مصلحة معظم الأحزاب الكبيرة، باعتبار أنها ستساهم بتمثيل الأحزاب والمجموعات الأصغر حجماً وبخاصة تلك المحسوبة على المجتمع المدني والحزب الشيوعي. فوفق الخبير الانتخابي أنطوان مخيبر، فإن تيار «المستقبل» سيكون أكبر الخاسرين من القانون الجديد الذي يجري التداول به «باعتبار أنه سيخسر عددا من مقاعده في مناطق كانت محسوبة عليه بشكل كامل وأبرزها بيروت وطرابلس وعكار والبقاع الغربي، من دون أن يتمكن من تحصيل مقاعد في مناطق أخرى». وعلى غرار «المستقبل»، فإن كتلة «التيار الوطني الحر» قد تتقلص باعتبار أنه سيخسر مقاعد في مناطق كانت بمثابة معاقل له كالمتن وكسروان وبعبدا. وفي هذا السياق يشرح مخيبر لـ«الشرق الأوسط» أن «التيار لن يتمكن من تحصيل أكثر من 4 مقاعد كحد أقصى في جبيل - كسروان، وأيضاً في المتن، حيث كان يتمثل في كل منهما بـ8 نواب، لكنّه بالمقابل سيكون له نواب في عكار، ومناطق أخرى في الشمال وفي البقاع الغربي». وفي المقابل، حسب تقدير مخيبر، فإن الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) سيكون الرابح الأكبر من إقرار القانون النسبي، باعتباره، وفي أسوأ الأحوال بالنسبة له، لن يخسر إلا مقعدا أو مقعدين، لكنّه في المقابل سيضمن تمثيل حلفائه من السنة والمسيحيين. 
وفي السياق ذاته، يرجح الخبراء الانتخابيون أن تتمكن مجموعات المجتمع المدني من خرق الطبقة السياسية الحالية بـ10 نواب، إذا تحالفت مع بعضها البعض ونجحت في تنظيم صفوفها وحملتها الانتخابية، وهو ما باشرت هذه المجموعات القيام به منذ أشهر، والمفاوضات لا تزال مستمرة بين قياداتها للتحالف وخوض الانتخابات صفا واحدا. وفي هذا الإطار، قال أمين عام حزب «سبعة» جاد داغر، وهو حزب يعرف عن نفسه على أنه «عصري وغير تقليدي، لخلق قيادات جديدة ولمواجهة طبقة سياسية فاسدة»، إنهم يعملون بجدية لإعداد ماكينة انتخابية فعّالة ومحترفة، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المشاورات بينهم وبين مجموعات أخرى «متقدمة ويجري السعي لخلق آليات منظمة لإدارة تحالف محترف». وإذ أكّد داغر أن مجموعات المجتمع المدني سترشح أشخاصا عن كل الدوائر، فإنه أشار إلى أن العمل يتركز بشكل أساسي على «خلق نوع من الموجة التغييرية من خلال حملة انتخابية محترفة ومنظمة سياسية - تنموية في آن». وأردف: «نسعى لأن نكون بديلا عن الطبقة السياسية الحالية، وأن يكون بديلا بعيدا كل البعد عن منطق الفساد والمحاصصة».

أخيراً، ترجح مصادر مواكبة للحراك الحاصل على صعيد قانون الانتخاب أن يحدد موعد جديد للانتخابات منتصف أو نهاية شهر سبتمبر (أيلول)؛ باعتبار أن التحضيرات لاعتماد القانون الجديد لا تستلزم أكثر من ذلك، كما أن رئيس الجمهورية حريص على إتمام الاستحقاق النيابي نهاية الصيف.