سالم حميد

 اتضح الدور القطري الخبيث في إطالة أمد الحرب في اليمن بعد تأمل أسلوب الدوحة القائم على الازدواجية والعبث بالملف اليمني، بهدف استنزاف جهود الإمارات والسعودية، وإفراغ الانتصارات التي تحققت ضد المتمردين الحوثيين من محتواها عبر اختلاق الصراعات.

في البداية حاولت قطر كعادتها الظهور ضمن الصف الخليجي المساند للشرعية اليمنية. وكانت النقاط قد تجمعت ضد قطر خلال السنوات الماضية وانكشف العبث القطري بأمن الخليج من خلال دعم الدوحة لمختلف أصناف التنظيمات الإرهابية. وكلما تم تضييق الخناق على قطر ومصارحتها بالدور الخبيث الذي تقوم به تتراجع قليلاً وتشارك في القمم الخليجية، ثم تعود من جديد لممارسة الازدواجية المريضة في سياستها تجاه أمن الخليج.

وعندما تجمع دول مجلس التعاون على السلوك الإيراني العدواني والتخريبي ضد منطقة الخليج، نجد أن قطر تتقارب مع إيران أكثر من ذي قبل. وعندما انطلقت حملة عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية وتحرير اليمن من عملاء طهران، دخلت قطر ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وفي جعبتها أهداف أخرى لا علاقة لها بحماية الأمن الخليجي وإنقاذ اليمن من المتمردين.

انخرطت قطر ضمن تحالف دعم الشرعية وعلى رأس أولوياتها عدم حسم الصراع في جبهات كثيرة، وبخاصة تلك التي يتولى القتال فيها حلفاء من جماعة «الإخوان» الذين يوالون الدوحة ويكنون الكراهية لدول الخليج الكبرى وبخاصة دولة الإمارات التي أعلنت إدراج الجماعة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.

العلاقة بين قطر وإخوان اليمن تحكمت كثيراً في الأداء القطري الهزيل ضمن منظومة تحالف دعم الشرعية. صحيح أن قطر شاركت بشكل رمزي في التحالف العربي، لكنها لجأت كعادتها إلى تعويض عجزها وضآلة وزنها العسكري والسياسي عبر استخدام أموالها وتحريك أذرعها وعملائها على الأرض. وتم تجميد العديد من الجبهات أو المراوحة في مستوى تقدمها بإيعاز قطري.

وكان المسار القطري الانتهازي في التعامل مع الملف اليمني قد بدأ قبل سنوات لدرجة أن المتمردين الحوثيين فضلوا العاصمة القطرية الدوحة كمكان لحوار سابق مع الحكومة اليمنية. وطبقاً لتسلسل الأحداث تتجاهل وسائل الإعلام الأرشيف المخزي لقطر التي خصصت مبالغ طائلة لما عرف في عام 2007 بصندوق إعادة إعمار صعدة معقل الحوثيين، الذين منحتهم قطر أول اعتراف خارجي بكيانهم المتمرد، واستضافت عدداً من قياداتهم بمن فيهم شقيق مؤسس الجماعة الحوثية. في ذلك الوقت كادت القوات الحكومية اليمنية أن تقضي نهائياً على الحوثيين، لولا خطة السلام القطرية. وأدى المال القطري والاعتراف المجاني بالحوثيين الموالين لإيران إلى ضخ الحياة في كيان المتمردين، كما تضمنت الاتفاقية التي رعتها الدوحة إطلاق سراح الحوثيين، وكان بين السجناء آنذاك من أصبحوا لاحقاً أبرز قيادات المتمردين!

كان الدور القطري المبكر لإنقاذ الحوثيين بذريعة خطة السلام متعمداً، ويهدف إلى التهيئة لما عرف لاحقاً بـ«الربيع العربي» في اليمن، والذي اشترك فيه الحوثيون مع تنظيم «الإخوان المسلمين»، وكان التوفيق بين الجانبين الشغل الشاغل لقطر، التي اعتمد حاكمها السابق في سياسته الخارجية على نهج توفيقي لا يهتم بالمبادئ بقدر ما يهتم بتحقيق دور انتهازي يقوم على العبث مع الجميع ومحاولة الصداقة المخاتلة مع الجميع. لذلك وجدت حركة «طالبان» المتشددة مكانة لها في الدوحة كما وجد «الإخوان» والحوثيون المكانة ذاتها في دولة ذات تعداد سكاني متواضع مكّنها من استخدام فائض الأموال للقيام بمغامرات هنا وهناك.

استغلت قطر تجمعات تنظيم «الإخوان» وتغلغلهم في النسيج الاجتماعي اليمني، وحولتهم إلى أداة طيِّعة لإظهار تأثيرها على مجريات الصراع بين الشرعية والمتمردين. وأرادت أن يلعب الإخوان دور المتفرجين السلبيين في بعض الجبهات ودور المقاتلين الأشداء في جبهات أخرى. وأكبر دليل على الدور القطري الخبيث، ما نلاحظه من بكائيات إخوانية أبدت التعاطف مدفوع الثمن مع الدوحة، بعد سريان المقاطعة التي تواجهها الدوحة كأبسط استحقاق على عبثها الذي طال ولم تتوقع أن يفضحها أو يقف في وجهها أحد.