مشاري الذايدي


من أهم وأجمل الأمور التي جرت مؤخراً التقارب السعودي - العراقي، وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً.
قد يقال إن الظروف لم تكن ملائمة لحصول هذا التقارب في عهد رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، بسبب طائفية ومافيوية الأخير، بينما الأمور صارت أحسن مع رئيس الحكومة الحالي، حيدر العبادي، الذي يتمتع بحسّ مسؤولية أعلى من سلفه.


قبل أيام أجرى الملك سلمان بن عبد العزيز اتصالاً برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بارك له فيه «الانتصارات التي حققتها القوات العراقية، وتحريرها مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، مشيداً بشجاعتها وبحكمة القيادة العراقية».
من طرفه؛ «أثنى» العبادي، وفق البيان الصادر من مكتبه، على الملك سلمان، وشدد على ضرورة استمرار التعاون المشترك في مجال مكافحة الإرهاب، إلى جانب المجالات الاقتصادية والتجارية لتحقيق مصلحة الشعبين والبلدين.
السعودية هي قطب الرحى العربي السنّي؛ بل الإسلامي كله تقريباً، والعراق دولة كبيرة غنية بشعبها ومواردها الطبيعية، وتاريخها العريق، وهناك صلات بين مجتمع نجد والأحساء والحجاز وشمال الجزيرة العربية، ومجتمع البصرة والنجف والسماوة والناصرية والموصل وبغداد، منذ الأزل.
نجديون في العراق، وعراقيون في نجد... حجازيون في الرافدين، وعراقيون في بطاح مكة.
لقد كان هناك في مدينة حائل، في عمق الجزيرة العربية، حي خاص لـ«المشاهدة» أهل العراق، وكانت عشائر السماوة والفرات الأوسط «تشتي» في رمال الجوف وجبال حائل، وكانت عشائر نجد الشمالية «تقيّظ» على ضفاف الفرات، يوم كان الناس بلا توتر.
هناك من يريد الحيلولة دون يقظة العراق ومعانقته جيرانه الجنوبيين والغربيين، نعني من قال جنرالهم المتجول، قاسم سليماني، بعيد نصر الموصل العظيم، إن جيش العراق في طريقه لأن يكون جيشاً عقائدياً. خيّب الله أمنيته، وطبعاً يعني هنا بالعقائدية صرخات وطلبات الخمينية السامّة.
قالت وكالتهم للأنباء «تسنيم» قبل أيام، على لسان السفير العراقي في طهران، إن العراق سيدخل الحرب السورية، ويعبر الحدود بحجة محاربة «داعش»، وهو ما نفاه المتحدث باسم «الخارجية» العراقية، أحمد جمال، متهماً الوكالة بالكذب، وقال إن دستور العراق الحالي يرفض هذا الأمر.
أمام رئيس الوزراء حيدر العبادي، والذي سيأتي بعده، حمى الله العراق من نوري وأمثاله! مهمة صعبة، لكنها واضحة، وهي «عرقنة العراق»!.
العراق للعراقيين، كلهم، من أقصى جبال الكرد لآخر نخلة عراقية بالبصرة، ومن ضفاف العمارة إلى القائم.
هل يقدر العبادي وساسة العراق على «احتكار» العراق للعراقيين، وتحويل نصر الموصل إلى تحرير القرار العراقي كله؟