محمد الحمادي 

كل مؤشرات خطاب «تميم المجد» مؤسفة، فأمير قطر تكلّم ولم يقل شيئاً مفيداً، بل على العكس كان خطابه تكراراً لكل خطاباته السابقة في الاجتماعات الخليجية والعربية، وفِي الوقت نفسه هو خطاب إعلامه التحريضي، وكل المفردات والجمل والحجج التي استخدمها سمعناها وقرأناها وعرفناها وحفظناها من تويتر، سواء من خلال حسابات لأشخاص معروفين، أو حسابات لشخصيات وهمية، بدءاً بحديث السيادة والوصاية، مروراً بتبرير الإرهاب والتمسح بالدِّين بشكل سطحي جداً يكشف مدى سطحية من يكتب تلك الجمل ويصفّ تلك الكلمات التي لا تؤدي إلى نتيجة، أو حل، فكم كان مثيراً للصدمة ربط الخطاب بين الدين والإرهاب، وعدم قدرة من خطّ الخطاب على أن يفرق بين الشيئين، بل ويورّط أمير دولة عربية بذلك الفهم الساذج، فقد قال تميم في كلمته «نختلف مع البعض بشأن مصادر الإرهاب، فالدين وازع أخلاقي وليس مصدر إرهاب» فهل لا يزال القطريون يعتبرون أن مصدر الإرهاب هو الدِّين وهو الإسلام؟!

لقد تجاوز العالم هذا الادعاء منذ زمن بعيد، ويبدو المسؤولون القطريون، بسبب الضوضاء الإعلامية التي يمارسونها، غير واعين لما يقوله المسؤولون والنُخَبيون، وحتى المواطنون العاديون في العالم الغربي عندما ترتكب جريمة إرهابية في دولهم، فأول عبارة يرددونها هي فصل الدين عن الإرهاب، وأن الإرهابي لا دين له، ولا يمثل أياً من أتباع الأديان، هذا فضلاً عن العرب والمسلمين الذين يرفضون ربط الإسلام بالإرهاب، ولم يعودوا ينخدعون بأولئك الذين يتمسحون بالإسلام وهم إرهابيون، فكيف لا يزال أمير قطر في ذلك الفهم؟!

وربما هذا يفسر دعم قطر للإرهاب وتمويل الإرهابيين والجماعات والمنظمات الإرهابية، فلا تزال قطر غير قادرة على التفريق بين المتديّن الذين يلتزم بتعاليم الدين والأخلاق، والإرهابي الذي يستغل الدين لتنفيذ جرائمه!

لا يمكن أن نعتبر خطاب الشيخ تميم يوم الجمعة الماضية خطاباً قطرياً خالصاً، فلا يبدو أنه عبّر عن المواطن القطري والمصالح القطرية، ولا عن مستقبل قطر، وواضح أنه خطاب يخدم فئة معينة هي المستفيدة قبل الأزمة وأثناء الأزمة، وتريد أن تكون هي المستفيدة بعد الأزمة كذلك! وهذا مؤسف جداً، فالشعب القطري من حقه أن تكون كلمة أميره معبّرة عنه وعن آماله وتطلعاته وأحلامه، وحقه في أن تكون رؤية أميره متناسقة مع رؤية الدول المحيطة في المنطقة، فهذا الشعب لا يريد أن ينسلخ عن محيطه ولا يمكن إلا أن يكون جزءاً منه، فلا يريد أن يكون تابعاً لا للمرشد ولا للسلطان، وإن كان هذا الشعب مخلصاً لأميره ووقف معه بجانبه طوال الأسابيع الماضية الصعبة فيفترض أن يتم تقدير وقوفه وتضحياته، لا أن يكون مطالباً بمزيد من الصبر في حين غيره يستفيد من كل شيء، وكل الأمور تسير في صالح هذا الغير! لهذا فإن الخطاب الذي بدا وكأنه استنفار للشعب لم يكن معبراً عن الشعب القطري الذي اضطرته وطنيته إلى أن يقول إن «خطاب تميم يمثلني»، ولكن قراءة متأنية لهذا الخطاب تكشف لكل قطري أن الخطاب لا يمثله، وإنما يمثل غيره ممن هم حول أميره.