خالد عمر بن ققه

كل الدلائل والمعطيات والمؤشرات الخاصة بعلاقة العراق بدول الخليج خاصة السعودية والإمارات في الوقت الراهن، تُبين بما لا يدع مجالاً للشك أن الفترة المُقْبِلة حُبْلى بتطوِّر إيجابي، يحقق ثلاثة أهداف، أولها: عودة العراق إلى الصف العربي، ليس فقط لأجل التنسيق في مجمل القضايا المطروحة بما فيها الموقف من إيران والإرهاب، وإنما للقيام بدور فاعل، من ذلك الإسهام في حل المشكلات العربية العالقة، خاصة المتعلقة بدول الجوار.

ثانيها: حركة خليجيّة ميدانية لتطويق ما تحاول دول خارجية (تركيا وإيران مثلاً)، وقوى داخلية (الحشد الشعبي، الجماعات الإرهابية بكل أنواعها.. ودعاة الانفصال من الأكراد) إقراره واقعاً، له بالتأكيد تأثيره المباشر على الأمن الخليجي.

ثالثها: تأكيد أن الدول الخليجية الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين)، قادرة على التواجد في جبهات عدة سلماً وحرباً، وأن الأزمة التي تسبَّبَت فيها قطر لن تقف حائلاً دون الاهتمام بالقضايا الاستراتيجية، يضاف إلى ذلك أن مدَّ جسور للعلاقة بين هذه الدول والعراق، يخدم في النهاية العمل العربي المشترك. من ناحية السياسية، والعملية أيضاً، فإن مستقبل العلاقة بين العراق والدول الخليجية، تَكَشَّف الأيام الماضية في مواقف أزعجت بعض الأطراف المعادية لأي تقارب عربي، منها تلك الزيارة التي قام بها زعيم «التيار الصدري» العراقي «مقتدى الصدر» إلى السعودية، في أواخر يوليو الماضي، حيث التقى بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وكان من نتيجة هذا اللقاء اتفاق الطرفين على «تبنّي خطاب ديني وإعلامي معتدل يدعو للتعايش السلمي والتعاون والمصالح المشتركة بين البلدين والشعبين، إلى جانب مناقشة العلاقات الثنائية مع دول الجوار وتأكيد استقرار المنطقة»، كما أفاد بيان صادر عن مكتب «الصدر».

وهناك تطوّر آخر على صعيد العلاقة بين دول الخليج والعراق، بدا جليّاً في تلك الزيارة التي قام بها مقتدى الصدر إلى الإمارات بدعوة منها، حيث استُقبل الأحد الماضي، 13 أغسطس الجاري من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي هنأ العراق على انتصاره على «داعش» في الموصل الشهر الماضي، وقد أكّد سموه، خلال اللقاء، «أهمية استقرار وازدهار العراق، والتطلع لأن يلعب دوره الطبيعي على الساحة العربية بما يعزز أمن واستقرار العالم العربي»، مضيفاً: «علمتنا التجربة أن ندعو دائماً إلى ما يجمعنا عرباً ومسلمين، وأن ننبذ دعاة الفرقة والانقسام».

وعلى خلفية الزيارتين السابقتين لمقتدى الصدر، قال الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، في تغريدات على حسابه بموقع «تويتر» وتناقلتها وكالات الأنباء يوم الاثنين الماضي: «إن التحرك الواعد تجاه العراق، الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان، بمشاركة الإمارات والبحرين، مثال على تأثير دول الخليج متى ما توحدت الرؤية والأهداف». ما ذهب إليه «قرقاش»، هو توضيح للدور الخليجي في المنطقة، ويمكن اعتباره رداًّ على الذين يُروَّجُون لانتهائه أو تراجعه على خلفيّة الأزمة القطرية، لكن الأهم من هذا كلّه، أن هناك تصحيحاً خليجياً للأوضاع في المنطقة، بدايته العلاقة مع العراق بما يخدم مصالح كل الأطراف؛ لذلك على العرب جميعهم دعم الدور الخليجي، خاصة ونحن نرى نتائجه العملية في افتتاح منفذ «عرعر» الحدودي بين العراق والسعودية، بعد إغلاق دام لأكثر من 26 عاماً.. أليس هذا منجزاً يستحق الدعم؟، لأنه سيجعل من التحرك الخليجي فعلاً هادفاً، وصيغة تفاعل مع مستقبل آتٍ.. هو بلا شك أفضل من الوضع الراهن بكثير.