نارت عبدالكريم

وجد نفسه مضطراً للامتثال، في حينها، أمام سطوة الكهنوت العلمي مع تصاعد وتيرة الخطاب العنصري في أوروبا كلها، لذلك كان صاحب نظرية اللاشعور وتفسير الأحلام مهتماً جداً بالحصول على اعترافهم، لسببين على الأقل، نظراً إلى أصوله اليهودية، وهي أصول معظم تلامذته الأوائل، ولخوفه من تهم الهرطقة والبدع أو السحر والشعوذة، تلك التهم التي كانت أصداؤها ما زالت مترسبة في نفوس الناس وأفئدتهم منذ زمن سطوة الكنيسة وجبروتها.

وذلك الامتثال كان خطأه القاتل، فليس من السليم، كما يقول كريشنامورتي، أن تراعي مجتمعاً مريضاً. حيث كان أمامه درب آخر هو الخروج من النظام السائد كله وتأسيس «طائفة» جديدة تحرر الإنسان كما فعلت، على سبيل المثل، في الجانب الآخر من العالم، مدرسة الزن البوذية. 

فهذا الامتثال الذي حصل، مع أن آثاره السلبية لم تظهر مبكراً، جعل التحليل النفسي أداة جديدة لتطويع الإنسان، ولكن في شكل أنجع هذه المرة، بدلاً من تثويره وتحريره. لذلك لجأت، لاحقاً، الجمعية الدولية للتحليل النفسي إلى طرد تلميذه «المتمرد» جاك لاكان لأنه نادى بالعودة إليه، إلى فرويد. فهل ضاعت فرصة الحرية في أوروبا بين الامتثال والطرد؟


* كاتب سوري