فهد الفانك

فكرة نهاية التاريخ كانت وستظل تراود أفكار الجنس البشري ، فمن يرضى عن نظام معين يرى فيه نهاية الأرب بحيث أن المطلوب بعد الان هو المحافظة عليه لأنه يمثل نهاية التطور البشري وليس بالإمكان أبدع مما كان.

اشتهر المفكر الأميركي من أصل ياباني فوكوياما بفكرة أن الديمقراطية السياسية المقترنة بالنظام الاقتصادي (الحر) أي الرأسمالية المهذبة تمثل نهاية التاريخ ، فلن يرغب البشر في تغيير هذا النظام بل المحافظة عليه باعتباره حصيلة تشوقات الجنس البشري إلى الأحسن.

نهاية التاريخ في نظر فوكوياما هي الوقت الحاضر ولكن هناك نهايات أخرى للتاريخ بعضها يخص الماضي وبعضها الآخر يخص المستقبل.

ماركس وانجلز عددا المراحل التي مرت بها البشرية بدءاً من المشاعية البدائية ، ثم الإقطاع ، ثم الرأسمالية الصناعية ، فالاشتراكية وأخيراً الشيوعية التي تمثل نهاية التاريخ ، حيث يعمل كل بقدر ما يستطيع ويأخذ بقدر ما يحتاج مما يعني منتهى المثالية.

يقول الباحث الأكاديمي الأميركي الدكتور روبرت رايلي أن الإسلام يمثل بنظر المسلمين نهاية التاريخ فقد عالج كل شيء بشكل نهائي وأغلق باب الاجتهاد لدى فقهاء الإسلام وقالوا أن السلف لم يتركوا شيئاً إلا ووضعوا له تفسيراً وحلاً وإن أي تفسير جديد للشريعة غير مقبول فما كان صحيحاً في الماضي هو صحيح في كل زمان ومكان ، مما يعني بلغة اليوم أنهم وصلوا إلى نهاية التاريخ.

في هذا المجال لا بد من المرور على محمد بن عبد الوهاب الذي أسس الحركة الوهابية في الجزيرة العربية ، ودعا فيها إلى العودة إلى أصول الإسلام في عهد الصحابة والرسول واستعمال العنف ضد المخالفين.

ثم جاءت حركة الإخوان المسلمين وبرز فيها سيد قطب وهو منظـّر الحركات الجهادية وصاحب كتاب (معالم في الطريق) الذي أدان فيه الحضارة الغربية وطالب المسلمين بأن يعودوا إلى عصر الصحابة ويسيطروا على العالم من جديد ويعيدوا عصر الخلافة.

المرحلة المضيئة في هذا المجال هي بروز المعتزلة الذين أعطوا الأولوية للعقل على النقل ، وقد دعمهم الخليفة المأمون ، ولكن طوفان إغلاق العقل غمرهم وأدخلهم التاريخ.