سعيد الحمد

ذلك هو الخلاف الذي نشب على وسائل ووسائط الاتصال في السوشال ميديا، وتلك هي الضجة التي علت وارتفعت نبرتها بلا هدف وأداروًا الخلاف بلا منطق لأنه خلاف بلا أساس.


نقصد ما حدث بعد وفاة الفنان الخليجي الكبير عبدالحسين عبدالرضا رحمة الله عليه من اطلاق تغريدة من أحدهم قالت وزعمت «لا يجوز طلب الرحمة له» وهي تغريدة بلا منطق وبلا ضابط لو تركت واهملت لماتت قبل ان تولد، ولكن ما اشاعها وعمل على انتشارها واتساع الجدل حولها حتى اصاب صاحبها شهرة وإن كانت مؤقتةً او طارئة ما كان له ان يصيبها لو تجاهلنا تلك التغريدة بدلاً من اثارة حرب داحس والغبراء حولها انقسمنا فيها بين مؤيد وبين معترض غاضب، وكأن ما يحدث لنا من انقسامات وتشطير وتمزيق لا يكفي حتى تأتي هذه التغريدة الشاردة لتزيدنا انقساماً، فتفتت المفتت وتقسم المقسم أصلاً ولا يحتاج الى شطارة تقسمه.
ما علينا ولن نطيل وبالأساس ما كنت شخصياً لأكتب عموداً عن ذلك لولا أنني أود هنا أن تشاركوني في الحوار والمناقشة حول ظاهرة خطيرة دبت بيننا وسرت في اوساطنا العربية كما تسري النار في الهشيم اليابس، وهي استعدادنا التام وتأهبنا الكامل للخلاف والانقسام وافتعال المعارك دون سبب ولربما لأتفه سبب ما كان في الزمن الجميل ليثير فينا شيئاً او يحرك شعرة بل كنا نستهجنه ونستهجن من يحاول افتعاله.
ماذا أصابنا وماذا اعترانا؟؟ كل عبارة وكل كلمة ولعلي اقول كل حرف ربما نبحث ونفتش في ثناياه من سبب للخلاف لتستعر النار وتنشب حرب ضروس على كلمة او حرف حملناه اكثر مما يحتمل وفسرناه خارج نطاق المنطق والعقل والدين الصحيح فقط لنفتعل حرباً بين الأهل والفريج الواحد.
قطعاً وبكل تأكيد شخصياً وأعلنها وهي التي لا تحتاج الى اعلان انني ضد تلك التغريدة التي طلبت منا عدم طلب الرحمة للفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا.
لكنني وبمثل هذا القطع لست على استعداد مطلقاً لأن ادخل في حرب ولا حتى في حوار مع هكذا منطق ومع صاحبه، وسأتركه يدور حول نفسه.
وأعود لماذا اصابتنا لوثة البحث عن خلافات تضاعف انقسامنا وتشطيرنا؟؟ ما اسباب هذه اللوثة التي بتنا معها وقد انتشرت، ونخشى حتى من إلقاء التحية الاسلامية المعروفة «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» خوفاً من ان تفسر على نحوٍ طائفي او مذهبي او عنصري فترتفع معها الصراعات.
السوشال ميديا نعمة فلماذا نسعى لأن نحوله الى نقمة وفتنة للتشهير بالناس بأولادهم وبناتهم وأهلهم، ولماذا أصبح ميدان حروب ضروسة بين أهل البيت الواحد والأسرة الواحدة.
في الزمن القديم وقف البعض ضد الراديو في بداياته ثم السينما ثم التلفزيون لكنهم أبداً لم يقفوا ضد أشكال السوشال ميديا بل شمروا عن سواعدهم ونزلوا ملعبه وابدعوا فيه، وهذا جيد وطيب، لكننا نسألكم رحمكم الله ومتعكم بالصحة والعافية وأيضاً بهذه الوسيلة السوشال ميديا وضاعف من سعة انتشاركم، هلاّ خصصتم جزءاً من نشاطاتكم فيه لتقديم النصيحة في سياق موضوعنا الذي نتحدث فيه اليوم وطلبتم من شبابنا وشاباتنا وحتى من رجالنا ونسائنا الاكبر سناً التروي والتفكر والحذر قبل الانزلاق والانسياق وراء هذه الظاهرة ووراء كل ظاهرة سلبية خطيرة على علاقاتنا ونسيجنا الوطني الواحد.. بل على الأسرة والبيت الواحد والفريج الواحد حين يتم توظيفها لاثارة الخلاف او التشهير.