بحث وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، خلال زيارته المفاجئة إلى العراق أمس، آخر تطورات عمليات تحرير مدينة تلعفر، غرب الموصل، والحرب ضد الإرهاب في العراق، والعلاقات بين أربيل وبغداد، لا سيما استفتاء الأكراد على استقلال إقليمهم، ودور الولايات المتحدة في العراق في مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش.

وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الأخير بحث مع ماتيس في تعزيز التعاون بين العراق والولايات المتحدة في المجال العسكري والتدريب والتسليح، إضافة إلى الحرب ضد الإرهاب، و«الانتصارات التي تحققها القوات العراقية على (داعش)». وأوضح البيان أن وزير الدفاع الأميركي جدد دعم بلاده للعراق في حربه ضد الإرهاب، مؤكداً أن واشنطن تدعم الحفاظ على وحدة العراق.

وأتت تصريحات وزير الدفاع الأميركي بالتزامن مع تأكيد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، خلال اجتماعه مع ممثلي المكونات الدينية والقومية في كردستان، أن مسألة تأجيل الاستفتاء غير واردة بأي شكل من الأشكال، مطالباً الدول التي تدعو إلى تأجيل الاستفتاء إلى تقديم بدائل أقوى منه إلى شعب كردستان. وتساءل بارزاني، خلال حديثه الذي سبق استقباله ماتيس لاحقاً في أربيل: «لماذا التأجيل؟ لست مقتنعاً بأن الاستفتاء سيؤثر على الحرب ضد (داعش)، وأستغرب كثيراً أن يكون لكل شعوب العالم الحق في التعبير عن آرائها وإرادتها، وليس لنا الحق في ذلك، مع كل احترامنا للدول الصديقة»، مشيراً إلى أن إقليم كردستان أثبت للعالم أنه «عامل مهم للأمن والاستقرار في المنطقة».

وقبل انتقاله إلى أربيل، اجتمع وزير الدفاع الأميركي، في بغداد، مع وزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي، الذي أكد لنظيره الأميركي أن «داعش» انتهى في الحسابات العسكرية، ولم يتبقَ من عناصره سوى القليل، وستقضي عليهم المعارك المقبلة، وشدد على أن المدنيين يعيقون التقدم السريع للقوات الأمنية، كون «داعش» يستخدمهم دروعاً بشرية، مؤكداً في الوقت ذاته حرص القوات العراقية على سلامة المدنيين الموجودين في مناطق الاشتباك، أو بالقرب منها.

وبعد انتهاء زيارته إلى بغداد، وصل ماتيس، عصر أمس، إلى أربيل، واجتمع مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وبحث معه آخر تطورات الحرب على الإرهاب، ومعارك تحرير تلعفر، والعلاقات بين واشنطن وأربيل، والعلاقات بين أربيل وبغداد. ومن المقرر أن يتوجه وزير الدفاع الأميركي، بعد انتهاء زيارته لأربيل، إلى أنقرة، حيث سيلتقي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وكبار المسؤولين.

كان ماتيس قد زار الأردن، قبل انتقاله إلى العراق. ونقلت عنه «رويترز» قوله في تصريحات إلى الصحافيين، في عمّان: «أيام التنظيم (داعش) أصبحت معدودة بكل تأكيد، لكنه لم ينته بعد، ولن ينتهي في وقت قريب»، وأضاف أن القوات العراقية ستتحرك بعد السيطرة على تلعفر صوب وادي نهر الفرات في الغرب، مشيراً إلى قدرة قوات الأمن العراقية على تنفيذ عمليات متزامنة.

وقال بريت ماكغورك، المبعوث الأميركي الخاص لدى التحالف المعادي للتنظيم، للصحافيين إنه رغم أن معركة تلعفر ستكون صعبة، فإن القوات العراقية سيطرت على 235 كيلومتراً مربعاً في أول 24 ساعة من المعركة.

وقال مسؤولون أميركيون، اشترطوا عدم نشر أسمائهم، إن ماتيس سيبحث في بغداد مستقبل القوات الأميركية في العراق بعد سقوط المدن الباقية تحت سيطرة «داعش»، والدور الذي يمكن أن تلعبه في عمليات تحقيق الاستقرار. وأضاف المسؤولون أنه رغم تطهير مدن كبرى مثل الموصل من مقاتلي التنظيم، فإن ثمة هواجس فيما يتعلق بقدرة القوات العراقية على الاحتفاظ بالأرض.

وأوضح ماتيس أنه لا تزال هناك جيوب مقاومة في غرب الموصل، تضم خلايا نائمة، وقال في تصريحاته التي نقلتها «رويترز»: «لن يحدث ذلك بين عشية وضحاها... ستكون مهمة شاقة عليهم مستقبلاً، غير أن الحكم السليم يقتضي إشراك تمثيل محلي في إدارة شؤون حياتهم اليومية».

وفي خصوص إعلان أكراد العراق أنهم سيجرون استفتاء على الاستقلال يوم 25 سبتمبر (أيلول)، لفتت «رويترز» إلى أن مسؤولاً كردياً كبيراً قال إن الأكراد قد يدرسون إمكانية تأجيل الاستفتاء مقابل تنازلات مالية وسياسية من الحكومة المركزية في بغداد. ونقلت الوكالة عن مسؤول أميركي أن ماتيس سيحث مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي، على إلغاء الاستفتاء.

وفي العام الماضي، وقعت وزارة الدفاع الأميركية اتفاقاً مع قوات البيشمركة الكردية لتزويدها بأسلحة وعتاد بمئات ملايين الدولارات.

وقال المسؤول الأميركي، طالباً عدم نشر اسمه، إن مذكرة التفاهم سينتهي أجلها قريباً، وأشار إلى أن ماتيس قد يستخدمها كورقة مساومة.

وتخشى الولايات المتحدة، وحكومات غربية أخرى، أن يشعل الاستفتاء صراعاً جديداً مع بغداد، وربما مع دول مجاورة، بما يحول الأنظار عن الحرب الدائرة ضد «داعش» في العراق وسوريا.