أمين ساعاتي

في الأسبوع الماضي، قام أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بزيارة خاطفة لكل من ألمانيا وفرنسا، والتقى فيها المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي، وبحث معهما الموقف من الشروط التي وضعتها الدول العربية الأربع "السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين"،

وكان أمير قطر يأمل من الدولتين الكبيرتين أن تتوسطا لتطبيع العلاقات بين الدول الأربع ودولة قطر، ولكن من الواضح أن ألمانيا وفرنسا كان لديهما معلومات كاملة وموثقة أن حكومة قطر ترعى الإرهاب، وأنه يتعين عليها النأي عن دعم الإرهاب والامتناع عن رعاية مجموعة من القيادات الإرهابية العالمية والتوقف عن التدخل بأسلوب طفولي في الشؤون الداخلية للدول العربية المستقلة ذات السيادة، إلى آخر الشروط الـ13 التي تتمسك بها الدول الأربع. وواضح أن هدف زيارة تميم بن حمد لألمانيا وفرنسا كان حلحلة المقاطعة التي فرضتها الدول الأربع حول خاصرة دولة قطر. ولكن الزيارة لم تأت كما كان أمير قطر يتوقع ويتمنى، بل طالبت المستشارة الألمانية تميم بضرورة الجلوس إلى مائدة المفاوضات مع مجموعة الدول الأربع بدون أي شروط مسبقة، وأكدت أنها تقف على مسافة واحدة من كل الدول ذات العلاقة، ولم تنس أن تلمح لأمير قطر أن محاربة الإرهاب في كل أنحاء العالم مطلب المجتمع الدولي وليس فقط الدول الأربع، والشيء ذاته أكد الرئيس الفرنسي على أهمية التفاوض مع كل الأطراف دون شروط مسبقة. وهكذا عاد تميم بن حمد آل ثاني إلى قطر وهو يجر أذيال الخيبة والفشل بعد أن أخفقت زيارته لألمانيا وفرنسا في تحقيق أي شيء ينقذ قطر من المقاطعة التي تلتف حول عنقها وخاصرتها. ونعرف جميعا أن الحكومة القطرية كانت تؤكد رفضها التفاوض مع الدول الأربع إلا إذا ألغت الدول الأربع إجراءاتها المحكمة حول الحكومة القطرية. أما التطورات الأهم على الصعيدين الاقتصادي والسياسي،

فإن وكالات التحذير الائتماني ما فتئت تحذر الحكومة القطرية من تكاليف اقتصادية ومالية واجتماعية كبيرة؛ بسبب مقاطعة الدول العربية الأربع التي تدعو الحكومة القطرية إلى الكف عن دعم الإرهاب ورعاية قياداته من أمثال "الإخوان المسلمين"، الذين يتخذون من قطر ملاذا ومسكنا ومرعى لهم، ولقد سجلت ودائع غير المقيمين أخيرا تراجعا ملحوظا في المصارف القطرية خلال آب (أغسطس) الماضي بنحو 8.2 مليار ريال قطري، في حين ارتفعت ديون الحكومة القطرية المحلية والخارجية بنحو 4.99 مليار ريال قطري خلال الشهر نفسه، وجاء تراجع ودائع غير المقيمين في أغسطس للشهر الخامس على التوالي ليبلغ مجموع تراجعها خلال الأشهر الخمسة نحو 41.08 مليار ريال قطري. وتحاول الحكومة القطرية دعم المصارف القطرية من خلال تسديد نحو 15.95 مليار ريال قطري من ديونها في حزيران (يونيو) الماضي، إلا أن الدعم لم يتواصل لاستدانتها في شهرين ضعف المبلغ الذي سددته. وفي ضوء هذا التدهور في الاقتصاد القطري، فإن "موديز" قدرت أن الحكومة القطرية استخدمت 38.5 مليار دولار؛ أي ما يعادل 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدعم الاقتصاد في الشهرين الأولين من قطع علاقات الدول الأربع، ولكن الأمور لم تأت بما كانت الحكومة القطرية ترغب وتشتهي.

أما على الصعيد السياسي فقد دب خلاف حاد بين فيالق رئيسة في الأسرة الحاكمة، حيث أكد الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، أن الصمت على الأزمة القطرية خذلان لوطننا وأهلنا، ودعا جميع أفراد الأسرة الحاكمة إلى الاجتماع لبحث التدهور في العلاقات بين حكومة آل ثاني وباقي الأسر الحاكمة في دول الخليج العربي بصورة عامة، ومن ناحيته فقد دخل على خط المواجهة مع الحكم في قطر الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، وأعلن دعمه لدعوة عبد الله بن علي آل ثاني إلى اجتماع وطني لتصحيح الأوضاع في قطر، معربا عن تخوفه من أن يرتبط اسم القطري بالإرهاب، وأوضح الشيخ سلطان في بيان للشعب القطري أنه يدعم كل دعوة للاجتماع، وقال إن الحكومة القطرية سمحت للدخلاء والحاقدين ببث سمومهم في كل اتجاه حتى وصلنا إلى حافة الكارثة،

وأضاف في بيانه: كلي ثقة بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وقادة الدول الخليجية الأخرى، وحرصهم على تجنيب دولة قطر الانزلاق فيما لا تحمد عقباه، واختتم سلطان بن سحيم بيانه قائلا: دورنا اليوم هو التنمية والتضامن لتطهير أرضنا من الدخلاء، إنني لم أحتمل البقاء مع وجود المستعمر الذي يدعي حمايتنا من أهلنا في الخليج. واضح مما سبق أن مسائل مهمة وإيجابية كثيرة طرأت في الأيام الماضية على المسألة القطرية، وهي مسائل تضغط على الحكومة القطرية لاتخاذ خطوات إيجابية نحو التسليم بمطالب الدول العربية الأربع التي تأذت إيذاء شديدا من التدخل القطري الإرهابي في شؤونها، ومن دعم الحكومة القطرية للأعمال الإرهابية التي أقضت مضجع المواطنين في كل من المملكة، ومصر، والإمارات، والبحرين، وفي الأيام القليلة المقبلة ستكتمل كل الحلقات وسيكون الحل خليجيا لتسلم الحكومة القطرية مجبرة بحقوق الدول الأربع، بل ستسلم بحقوق كل دول العالم في محاربة الإرهاب الدولي.