&عمرو عبد السميع

&

خلال الشهور الماضية تعددت صور الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، بسبب دعم واشنطن قوات سوريا الديمقراطية (الكردية) فى الوقت الذى تتذرع فيه أنقرة بمطاردة كل القوات الكردية التى تراها أذرعا لحزب العمال الكردستاني، بل وتطرق البعض إلى المناداة بتقليص الوجود التركى فى حلف الناتو الذى يربط أنقرة بواشنطن، كما اعترى التوتر علاقات تركيا بأمريكا فى أعتاب عدم تسليم الأخيرة فتح الله جولن زعيم منظمة (الخدمة الإيمانية) الذى تتهمه أنقرة بأنه وراء محاولة الانقلاب الفاشلة منذ سنوات،

ثم تطور الأمر حين أعلنت تركيا تعاقدها مع روسيا لشراء منظومة الدفاع الجوى الروسية (إس 400) وتهديدات واشنطن بفرض عقوبات عليها لقيامها بذلك ومنعها تسليم طائرات إف 35 لتركيا، وأخيرا ثارت أزمة كبرى عقب اعتقال انقرة القس الأمريكى الإنجيلى أندرو برونسون، مما أدى إلى إصدار قرار أمريكى بعقوبات ضد وزيرى العدل والداخلية التركيين، وبالطبع فإن تلك العقوبات لها تأثيرات كبيرة على العملة التركية (الليرة) التى تترنح بسبب سياسات أردوغان الخرقاء والحمقاء، فإن الصدام الأمريكى ـ التركى له أسباب عديدة، على رأسها محاولة ضرب تكتل أوراسيا (المنطقة الواقعة بين أوروبا وآسيا) وضمنها تركيا والتى قال عنها بيرزجينسكى مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق أن من يسيطر عليها يسيطر على العالم كله.

والواضح أن ذلك المبرر لا ينفصل عن الوضعية العالمية التى ترتبها روسيا ـ بوتين لنفسها، وآخر تجلياتها كان عقد اتفاق دول بحر قزوين التاريخى، الذى هندس حائط صد قويا جدا ضد التواجد الأجنبى عند البطن الرخو لروسيا الاتحادية، بما يضاعف منه التقارب الروسى ـ التركى، الذى جاوز بالعلاقات الأمريكية التركية مرحلة (مجرد الشقوق) إلى مرحلة (بوادر الانهيار)، وعلى أنى أقف ضد السياسات التركية فى الشرق الأوسط بالكامل، وضد مساندة أنقرة للإرهاب والتعبيرات التنظيمية والإعلامية عنه، فإننى أنظر بإيجابية لبدايات وتباشير انهيار الحلف التركى ـ الأمريكى، الذى أخبرتنا الظروف والتطورات أنه ـ صار حلفا غير مقدس.

&