سمير عطا الله

 أيها الرفيق العزيز فلاديمير فلاديميروفيتش، عذراً، لكن جل من لا يخطئ. كان يجب أن تتعلم الدرس من زميلك السابق جورج دبليو بوش. وقد تسأل ضاحكاً: وهل هناك من دروس يتعلمها أحد من جورج دبليو بوش، «غينيس» الأخطاء؟ أجل يا مولاي. فلا حدود لسخرية الأقدار، ولقد كان من الأفضل أن تتعلم الدرس من جورج دبليو.

كيف؟ في الأول من مايو (أيار) 2003 هبط الرئيس بوش على ظهر حاملة الطائرات ابراهام لنكولن في مقاتلة عسكرية هائلة، وترجل باسماً، ووقف تحت لافتة ضخمة كتب عليها: المهمة قد أُنجزت! وطيّرت الوكالات الخبر: جورج بوش يعلن نهاية الحرب في العراق.
الحقيقة أنه لم يعلن شيئا. لم ترد هذه الجملة في خطابه على الإطلاق، وإنما وردت فقط في ديكور المكان. وحسناً فعل، هو وكاتب الخطاب ومهندس الديكور، لأن الذي نزل بالقوات الأميركية في العراق بعد خطاب «ابراهام لنكولن» كان أكثر فظاعة عما قبله.
وفّر على نفسه خطأ آخر. أما جنابكم أيها الرفيق، فمعروف عنك أنك حيوي مثل النملة، ولا تحب كثرة الكلام برغم لذتها أحياناً. فعندما جئت إلى حميميم، اخترت أن تخاطب جنودك، وليس الشعب السوري. ولم تمض ليلة واحدة في دمشق لكي لا تسمع أصوات القذائف في الجوار. فعندما قلت لجنودك «الأرض الأم في انتظاركم» (الأرض الأب بالروسية) وإن كل شيء قد انتهى، كان يجب أن تستعين بلافتة جورج دبليو، حفظاً لخط الرجعة.
فالمشكلة أيها الرفيق أن الحروب تطول، بعكس السلام. وهي تفرخ وتتفرع وتنقلب أيضا. من كان يقول إن تركيا سوف تنقلب من الأطلسي إليك، ومن الإخوان إلى إيران، ومع ذلك لا تزال تصر على أنها ضد حليفكما في دمشق؟
الأفضل في هذه الحال، ولكي لا تلزم نفسك بشيء، استخدام لغة اللافتات. أو لغة «المتحدث الرسمي» البارع في عدم قول أي شيء حتى لو تحدث ساعة كاملة وأجاب على مائة سؤال. ولو، كل هذه الخبرة في العالم العربي وما زلت تفتقر إلى الفصاحة في قول لا شيء، والبلاغة في الإيهام والإبهام. فليشرح لك المستعربون ماذا قصد عمرو بن كلثوم عندما قال «أمهلنا نخبرك اليقينا». إنه، اليقين، «متى ننقل إلى قوم رحانا / يكونوا في اللقاء لها طحينا»! أجل!.