عبدالله بخيت

ما الذي يخبئه المستقبل القريب للإنسان في المملكة. كل النظريات التي يطلقها المراقبون تتسم بالتفاؤل مع بعض التحفظات. المسألة الاقتصادية متفق عليها. ارتفاع مستوى الدخل عن طريق الاقتصاد (المنتج) سوف يرفع المعنويات والإحساس بالمسؤولية والرغبة في المشاركة. لكن التأثير الاقتصادي لم يبدأ بعد. السوشل ميديا وحرية التعبير التي أتاحتها أسهمت في إقلاق السكون المسلمات.

أخذ التغير يشق طريقه ويوسع من حضوره. ظهر على السطح مع خفوت الصراع الفكري والتشاحن. لم يعد المواطن السعودي مجرد كائن سياسي أو ديني وتابع. توسع أفقه. صارت الطبيعة والعالم جزءاً من اهتماماته. ينتبه لأشياء لم تكن جزءاً من سياق حياته ولم يتعلمها في المدرسة. ثمة حركة تتبلور تريد أن تصل إلى مأسسة الاهتمام بالطبيعة. في تويتر برز عدد من الناس يطالبون بقوانين وأنظمة واضحة تحمي الحيوان من الأذى وتحفظ حقه في الحياة. ليس عطفاً ورحمة فحسب ولكن في إطار الحقوق. الحيوان وجد ليعيش. حياته غير مرهونة بحياة الإنسان. هو جزء من الطبيعة كما هي حالنا. لا يتميز الإنسان عن الحيوان إلا بما كرمه الله به. التوجه الذي ألاحظه بين الشباب النظر إلى هذه الكائنات كشركاء. كل ما يفعله الإنسان بالحيوان يجب أن يكون جزءاً من تكامل الطبيعة. في السياق نفسه لاحظت حملات قوية ضد الاحتطاب الجائر وقطع الأشجار والاعتداء على الحياة الفطرية. تأتي هذه الحملات بصورة أكثر وعياً من السابق. أكثر فهماً للحياة. الشيء الآخر الذي لفت نظري بقوة الاهتمام بالنظافة العامة. كان الناس يتركون بقاياهم ومخلفاتهم دون أن يكترث أحد. يطالعك كل يوم عدد من الصور والريبورتاجات تغطي الحدائق العامة والمتنزهات والبر. شباب يعمد إلى تنظيف المتنزه أو الشاطئ تطوعاً. عمل يعري الممارسات الخاطئة التي اعتاد عليها مواطنونا من قبل.

صارت مكافحة العنصرية والمناطقية والطائفية جزءاً من الحراك الثقافي في المملكة على المستويات كافة وخاصة في أوساط الجيل الجديد. بدأت أصوات الشوفينيين تتضاءل وبعضهم أخذ يخفي توجهاته. النظرة الإنسانية الشاملة تتوسع في المجتمع السعودي. تنامي عدد السعوديين الذين ينظرون للآخر المختلف نظرة إنسانية خالصة دون برمجة مسبقة. يقيم علاقته على هذا البعد فقط. لم يتوقف الأمر عند الطبيعة والآخر فقط تشاهد هذه الأيام اهتماماً يتعلق بالمواقف السياسية من القضايا العالمية. كثير من الحوارات المتصلة بقضايا كبيرة كالقضية الفلسطينية والقضية السورية تأخذ بعداً واقعياً. لم يعد إنساننا يتفاعل بعاطفة جياشة تبعده عن الحقيقة. يحلل القضايا الكبرى في إطاراتها المختلفة والإمكانات المتاحة. يرى صورتها من خلال قدرته وقدرة بلاده لا حماسته فقط.

أشعر بالتفاؤل الكبير. نحن نتجه إلى طفرة حقيقية تمسح الطفرات السابقة التي أرهقتنا كثيراً.