أحمد عبد التواب 

أدخَلَ الرئيسُ البشير نفسه فى لعبة معقدة تكتنفها مخاطر على استمرار حكمه، فى حين يظن أنها تُثبِّت أقدامه! ففى حين تزداد أزماته الداخلية نتيجة لفشل حقيقى فى سياساته، إذا به يغير من تحالفاته الإقليمية فيرفض استمرار التضامن مع السعودية فى مواجهة إيران،

بعد أن كان شريكا أساسياً فى التحالف معها فى اليمن ضد الفصائل المدعومة من إيران، إلى حد أن اتهمه بعض معارضيه بأنه قدَّم تنازلات بالزجّ بجنوده فى القتال على الأرض فكان منهم أكبر ضحايا فى التحالف! وعلى ناحية أخرى، فإنه انفصل عن الموقف الداعم للإخوان فى سوريا وصدر عن نظامه تأييد لاستمرار الأسد، برغم ضلوعه شخصياً فى التنظيم الدولى للإخوان! وكان هذا تمهيداً لاستقبال حليفه الجديد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بمشاركة قطرية تعطى مؤشراً عن الابتعاد أكثر عن السعودية، وكان من النتائج إبرام اتفاقية لا يزال يلفها الغموض حول جزيرة سواكن فى البحر الأحمر، وتدور بعض الأخبار عن تسهيلات يقدمها السودان من الجزيرة للأتراك، وتقول أخبار أخرى إنها ستكون قاعدة عسكرية خاصة بالجيش التركى! وهو يعلم أن الوجود التركى هناك يشكل خطراً كبيرا على كل من مصر والسعودية.

بعض معارضيه لا يعيبون عليه تغييره لسياساته وانقلابه على شركائه فى انقلاب 1989 ثم انتقاله من حلف إلى حلف، وإنما لاقتصار العوائد على نظام حكمه وليس على شعبه، حتى لو كان بنفض يديه من الحاضنة التى حمته من مطالب محكمة العدل بتسليمه لمحاكمته.

أما هو فيظن أن هذا التحول يدعمه داخلياً، ويصرّ على التعامل بأساليب عتيقة عقيمة فى مواجهة أزمات الداخل المتراكمة، التى احتدمت بقرار رفع الخبز بأكثر من الضعف، بأن يخترع ما يسميه خطراً على السودان، بأمل أن ينجح فى خداع المعارضين بالتراجع حتى ينتصر الوطن على الأزمات التى يفتعلها! ولكن المشكلة هذه المرة أن الاحتجاجات صارت جماهيرية، كما أن المحتجين يزدادون عدداً، وكذلك تتسع الاحتجاجات فى عدة مدن، ولديهم خبرات تاريخية فى إسقاط أنظمة أقوى منه! وأما ما ينبئ بالخطر المحدق به فهو أن نظامه يعاند حتى الآن ويواجههم بالعنف!.