خالد احمد الطراح

 لا بد من ترجمة واقعية وجادة من قبل الحكومة لما ورد في كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد اثناء افتتاح مؤتمر الكويت الدولي لإعادة اعمار العراق حين شدد على «ان استقرار العراق جزء لا يتجزأ من امن واستقرار الكويت».


إن المرحلة الثانية التي يفترض ان تتبع مؤتمر اعادة اعمار العراق تنحصر في دعم العراق في مواجهة مخططات ارهابية من داخله وخارجه، علاوة على مساعدة بغداد على التصدي لآفة المحاصصة الطائفية والفساد السياسي حتى يعود العراق موحدا ومستقرا امنيا وسياسيا.
لا شك ان من بين آليات العمل التي يمكن ان يكون لها دور مهم ومؤثر نحو تحقيق هذه الاهداف ان يكون هناك دور لمؤسسات المجتمع الكويتي من اجل ترسيخ قواعد متينة للعلاقات بين الشعبين، الكويتي والعراقي، يسودها التفاهم والشراكة في انتشال العراق مما يواجهه حالياً من مخططات تستهدف وحدته الوطنية، فضلا عن معالجة آراء ومواقف لبعض القوى العراقية التي ما زالت تحمل توجها او حتى صوتا عدائيا ضد الكويت ولعل بعض الاصوات ذات النبرات المعادية التي تعالت مع انعقاد مؤتمر إعمار العراق تؤكد عدم خلو الشارع العراقي من عقول سممتها الماكينة الاعلامية الصدامية على نحو غير صحيح.
نحن فعلاً بحاجة الى عمل مشترك ومكثف بين مؤسسات المجتمع في البلدين، فجراح الغزو الصدامي ما زالت تئن منها قلوب وأجساد كويتية، وهو مقترح كان قائما من قبل العديد من الشخصيات والجمعيات الكويتية منذ تحرير الكويت وكذلك بعد سقوط وإعدام طاغية بغداد، فقد اختلطت الامور على الكثير من المواطنين الكويتيين بعد تحرير الكويت وبعلم رسمي الى درجة دخول الاغنية العراقية في خانة الممنوع!
نجحت الكويت وبدعم المجتمع الدولي في مؤتمرها الدولي باستثناء الجارة المسلمة ايران التي حضرت المؤتمر ولم تساهم باي قيمة تذكر في اعادة اعمار العراق، ربما لان طهران ستكون احد المستفيدين من عدم استقرار العراق في التوغل في المجتمع العراقي من نوافذ اعادة اعمار العراق وتقاسم اموال المؤتمر من خلال بعض القوى الموالية لطهران او النفوذ الايراني في العراق.
العراق كما هو معروف ليس بلدا فقيرا، فلديه ثروات هائلة من النفط والغاز والمنافذ البحرية التي يمكن ان تستثمرها بغداد في نهضة اقتصادية وتنموية غير مسبوقة في تاريخ العراق، ولكن الصراعات السياسية والطائفية الدامية التي يعاني منها العراق منذ سنوات حالت دون استتباب الامن والاستقرار، بل اصبحت السيادة فيه للفكر الطائفي والانعزالي والعنصري المقيت الذي ما زال يمزق نسيج المجتمع العراقي!
الأرصدة المليارية التي تم تخصيصها اثناء مؤتمر إعادة إعمار العراق لن تنقذ المجتمع العراقي بكل طوائفه وأطيافه من الطائفية والفساد وانما دعم «ثوابت المبادرة الوطنية العراقية» وأي مبادرات شبيهة من شأنها ترسيخ الوحدة الوطنية في العراق وخلق شراكة حقيقية بين الكويت والعراق، لا سيما على المستوى الشعبي ومؤسسات المجتمع في البلدين حتى تقوم علاقات جوار على اسس سليمة تستفيد منها الكويت والعراق ايضا على مختلف المستويات.
إعادة ترميم العلاقات بين الشعبين الكويتي والعراقي لا تحتاج إلى الأموال، وإنما لجسور تواصل شعبي فعال ومؤثر بمباركة رسمية من البلدين.