عادل الحميدان

مع بدء مجلس الأمن في دراسة مشروع قرار تقدمت به بريطانيا لإدانة إيران لتقاعسها عن منع وصول صواريخها الباليستية إلى جماعة الحوثي باليمن يبدو أنه لم يعد هناك ما يكفي من الحيل والأكاذيب في جعبة النظام الدموي في طهران لإخفاء وجهه البشع الذي مثل ولا يزال أيقونة الشر في الشرق الأوسط.

مسودة القرار الذي بدأت القوى الكبرى المشاورات بشأنه كتبت بلهجة حازمة تضع إيران في مواجهة العالم في حال تماديها في سلوكها العدواني حيث سيتم فرض عقوبات ضد أي نشاط يتصل باستخدام الصواريخ الباليستية في اليمن.

تجارب المجتمع الدولي مع إيران مريرة نتيجة إصرارها على نشر الإرهاب وسعيها المتواصل للهيمنة على المنطقة واختراق دولها بشكل تجاوز مسألة التدخل في شؤونها الداخلية إلى مرحلة اختيار من يحكم وتحديد الطريقة التي يحكم من خلالها لخدمة المصالح الإيرانية أولاً قبل أن يخطو أي خطوة في برنامجه الوطني - إن كان يملك مشروعاً وطنياً من الأساس -.

تصاعد المخاوف الأوروبية من السلوك الإيراني وتغير النظرة لدى دول كانت تدافع عن وهم الاتفاق النووي وترى فيه نقطة تحول تعيد طهران إلى المجموعة الدولية يشكل تطوراً مهماً من شأنه زيادة الضغط على إيران التي راهنت على هذا الاتفاق لإجراء صفقات سياسية واقتصادية مع الدول الكبرى يتم بموجبها التغاضي عن ممارساتها العبثية في المنطقة.

التوافق الأميركي الأوروبي تجاه التهديدات الإيرانية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط يفتح النار فعلياً على طهران التي ستعول على الفيتو الروسي أو الصيني، ويجعل من الصعب عليها اللعب من جديد بورقة اتفاق 5+1 الذي حاولت من خلاله إرضاء الأوروبيين بصفقات تكسر حالة الركود التي تعاني منها مصانعهم وشركاتهم.

استراتيجية أميركا الجديدة بعد مرحلة أوباما والموقف الأوروبي المتصاعد في تشدده تجاه السياسات العدوانية لطهران لا يعني العودة إلى المربع الأول كحد أدنى وضعه صانعو السياسة الإيرانية بعد تمزيق ورقة الاتفاق النووي فالعالم لم يعد كما كان قبل التوقيع عليه، فداخلياً لم يعد لهذا النظام أي شرعية وهو ما كشفته التظاهرات الشعبية الحاشدة التي ضاقت ذرعاً بسياسات الملالي وتسلطهم، أما في الخارج فقد تغيرت خارطة التحالفات والشراكات الاستراتيجية ومعها أصبح العالم أكثر حزماً في مواجهة الإرهاب وإصرارها على اجتثاث جذوره.