خالد أبا الخيل 

قبل أن نجيب على هذا السؤال هناك سؤال مهم قبله لا بد من الإجابة عليه، وهو: هل الصحوة هي الدين نفسه؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فهذا يعني أن الناس قبلها كانوا في جاهلية جهلاء حتى جاءت الصحوة فأشرق نور الإسلام! ولا أحد يقول بهذا مطلقاً، وإذا كانت الإجابة بلا، وهو الصواب، فهذا يعني أن الصحوة تنتمي لما يمكن تسميته حركات الإحياء والتجديد الديني،

وهي حركات تحاول أن تتمثل الدين وتعيد نشر قيمه وتصوراته في المجتمع وفقا لتصورات وفهم القائمين على هذه الحركات، وعلى هذا فقد تكون هذه التصورات والفهوم صحيحة وقد تكون فاسدة، وبالتالي فجواباً على السؤال الأول: هل نقد الصحوة نقد للدين؟ لا بد أن تكون الإجابة بالنفي قطعاً.
وهنا سؤال آخر: لماذا تجري محاولات حثيثة من قبل البعض لتعبئة العامة وتجييشهم عبر ممارسة قلب الأوراق والخلط المتعمد بين الصحوة والدين؟ وأن نقد الصحوة ما هو إلا نقد للدين؟ والجواب عليه باختصار أنه يتم فعل ذلك عن تعمد وسبق إصرار، وذلك لحماية تصوراتهم للدين وللدولة من النقد والنقض، حتى تبقى هذه الأفكار والتصورات -مهما كانت - في حصانة من النقد والإسقاط، بالضبط تماماً كما تفعل جماعات العنف، حينما تسبغ وصف «الجهاد في سبيل الله» على تطبيقاتهم الفاسدة من أعمال العنف، وذلك بقصد حماية تصورهم لمشروع الجهاد، حتى بات الشاب محصوراً بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن يصدق هذا الخلط ويكون ضحية لفهمهم الفاسد، فينخرط معهم في الإفساد والإرهاب، أو أن يرفض هذا التصور، فيجنح إلى المعسكر الآخر: الإلحاد والتجديف، لأنه يتصور أن هذا التوحش هو شعيرة الجهاد في سبيل الله تعالى، وأشير هنا بالمناسبة إلى الأخبار التي تأتي من العراق بفشو ظاهرة الإلحاد بين شباب أهل السنة هناك، بسبب هذا الإشكال الذي برز بشكل واضح مع تنظيم داعش، حينما شرعن توحشه وألصقه زوراً وبهتانا باسم الجهاد في سبيل الله تعالى. والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.