طغت أجواء من التشكيك بنزاهة الانتخابات العراقية التي قررت مفوضيتها إعلان النتائج النهائية للاقتراع خلال يومين، بعد إضافة تصويت الخارج، في وقت أصبحت مهمة تشكيل الحكومة أكثر تعقيداً، في ظل معلومات عن قرب إعلان تحالف صريح بين زعيم تحالف «سائرون» مقتدى الصدر ورئيس الوزراء زعيم ائتلاف «النصر» حيدر العبادي، تستبق محاولاتٍ إيرانية لشق كتلة الأخير، ودفعه مع الصدر إلى المعارضة.


وفجّر سعيد كاكئي، وهو أحد المفوّضين الرئيسيين في مفوضية الانتخابات، مفاجأة أمس، عندما شكك بإجراءات المفوضية، ودعاها إلى إعادة الفرز يدوياً بنسبة 25 في المئة، خصوصاً في كركوك وإقليم كردستان. لكن المفوضية أجابت بأن كاكئي تعرض إلى التهديد من قوة سياسية خاسرة، مؤكدة وجود عدد من المحطات غير المعلنة، وعدم وجود ضرورة للجوء إلى عملية العد والفرز اليدوي.

في هذه الأجواء، قال رئيس المفوضية العليا للانتخابات رياض بدران إن مسلحين، لم يحدد هويتهم، يحاصرون مراكز تصويت عدة في مدينة كركوك أمس، بعد أربعة أيام من الانتخابات، ويمارسون ضغوطاً على المفوضية لتغيير نتائج الانتخابات. وأشار إلى أن «بعض المفوّضين بحكم الرهينة»، مطالباً السلطات بحمايتهم.

وكان العبادي عبّر عن شكوك مماثلة مساء أول من أمس، عندما دعا إلى عد وفرز يدوي، من دون أن يستبعد أن يشمل الأمر الانتخابات في كل العراق. وتتناول الاتهامات للمفوضية احتمال تعرض أجهزة العد الإلكتروني للاختراق من جهات مجهولة، ما غيّر نتائج التصويت في كركوك ومدن الإقليم، من دون أن تستبعد بقية المدن العراقية.

ومع إدخال مفوضية الانتخابات نتائج انتخابات الخارج، ظهرت تسريبات عن تغيّر في مواقع القوى الفائزة، تشمل تقدم بعضها وتراجع أخرى، ما استدعى المفوضية إلى تأكيد إعلان النتائج النهائية اليوم، مشيرة إلى وجود تغييرات في مواقع الكتل، وإن لم تكن كبيرة.

في هذا الوقت، أكدت مصادر سياسية أن مهمة قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني في بغداد ركزت على إمكان إعادة إحياء «التحالف الوطني» الشيعي. لكن العبادي استبق، كما يبدو، الضغوط الإيرانية بتغريدة أكد فيها عدم مشاركته في كتلة طائفية سنية أو شيعية.

وتؤكد المصادر أن العبادي يجري سلسلة اتصالات مع الصدر، الفائز الأول في الانتخابات، لتشكيل كتلة تستبق محاولات يقوم بها سليماني لشق قائمة «النصر» عبر اجتذاب عدد من الأحزاب الشيعية المنضوية فيها إلى تحالف يجمع زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي بكتلة «الفتح» التي يتزعمها هادي العامري، من أجل تشكيل الكتلة الأكبر بعد التنسيق مع قوى كردية وسنية لضمها إلى هذا التحالف.

وأعلن الصدر في تغريدة أمس، فتح بابه أمام تحالفات تشكيل حكومة «تكنوقراط»، مؤكداً أنه لن يسمح بتشكيل حكومة على طريقة «خلطة العطار». وكان يشير على ما يبدو إلى رغبة إيرانية نقلها سليماني، وفق مصادر، وتذهب إلى تشكيل حكومة من مرحلتيْن، تضمن الأولى تشكيل كتلة شيعية محورها المالكي والعامري تحاول إقناع كتلة العبادي أو أجزاء منها بالانضمام إليها وتُعلن ترشيح رئيس الحكومة، على أن تنضم إلى هذا التحالف في المرحلة الثانية قوى سنية وكردية تضمن الوصول إلى اختيار رئيسَي البرلمان والجمهورية، وأن يُدفع بالرافضين المتوقعين للانضمام إلى هذه الكتلة، يتقدمهم الصدر، إلى المعارضة البرلمانية.

ويُطرح حوالى خمسة أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة عن هذه الكتلة، منهم محمد شياع السوداني (الدعوة الداخل) وطارق نجم (الدعوة) وعادل عبد المهدي (المجلس الإسلامي) وفالح الفياض (الدعوة).

لكن مهمة سليماني ليست سهلة، إذ أكد مقربون من الصدر تلقيه، من زعماء كتل مختلفة، تأكيدات لرغبتهم الانضمام إلى تحالف يجمعه مع العبادي، يتولى بموجبه الأخير تشكيل الحكومة. وكان الصدر طرح اسم علي دواي (محافظ ميسان) لتولي مهمة تشكيل الحكومة.

وفي ظل التوتر القائم، أعلن ضابط برتبة رائد في الشرطة العراقية لوكالة «فرانس برس» أمس «مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 30، بينهم عناصر من الحشد الشعبي، في هجوم انتحاري بحزام ناسف استهدف مجلس عزاء» في ناحية التاجي في بغداد عند ظهر أمس. وأكد مصدر في «الحشد الشعبي» أن «الهجوم تزامن مع وجود مقاتلين من الحشد في مجلس العزاء».