محمد الحمزة

الإنسان منذ فجر التاريخ مارس ألوانا من العادات والطقوس للبحث عن السمو الروحي والصحة الجسدية والنقاء الذهني، ومن تلك الممارسات (الصوم)، الذي يُعتبر عند أهل الكتب السماوية عبادة يُتقرب بها إلى الله تعالى، وهو فريضة ربانية إلهية، أُلزم بها الأنبياء والمرسلون في زمن دعواتهم.

فعند المسلمين يُعرّف الصيام لغة بأنه الصمت والإمساك عن الشيء، وشرعاً هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، مع النية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وصيام رمضان ركن من أركان الإسلام، يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).

النصارى يعتبرون الصوم اختياريا، ورد في إنجيل متّى: (ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين). ويبدأ الصوم من الليل حتى منتصف النهار، حيث يمتنعون عن أكل الطعام الدسم وسائر المشتقات الحيوانية، ويقتصرون فقط على تناول البقول وبعض النباتات، وهم يصومون يوم الأربعاء المسمى عندهم يوم المؤامرة، التي انتهت بالقبض على عيسى عليه السلام، ويصومون يوم الجمعة، وهو اليوم الذي صلب فيه كما يعتقدون. وهناك صوم الميلاد والصوم الصغير وعدده 40 يوماً، والصوم الكبير وعدده 55 يوماً قبل عيد القيامة اقتداء بعيسى عليه السلام أنه صام 50 يوماً، وقبلها أسبوع يسمى أسبوع الاستعداد وبعدها أسبوع يسمى أسبوع الآلام. وأثناء فترة الصوم لا يعقد النصارى الزواج› لأنه مظهر للفرح واللذة.

الهنود كانوا يصومون زهداً فاتخذوا من السير في البراري وسيلة لذلك, حيث كانوا ينشدون اتحاد أرواحهم بـ(براهما)، فيضني جسمه ويتعب نفسه ويحيي الليالي في تأمل دائم، وأثناء صومه يتحتم عليه ألا يقتل حياً ولا حتى الهوام، وأن يكون حذراً يقظاً في تجواله وانتقاله، كي لا يطأ برجله حشرة صغيرة فيقتلها، وأن ينظر في الشراب الذي يشربه كي لا يشوبه شيء حي، ولا يأكل من ذي روح. وقد روت الكتب المقدسة للهندوس: وليكن طعامك مما تنبته الأرض وتثمره الأشجار، ولا تقطف الثمر بنفسك، بل كل منه ما يسقط من الشجرة بنفسه، وعليك بالصوم، تصوم يوماً وتفطر يوماً.