خالد السليمان

ما الذي يدفع إنسانا ليكون نصل خنجر يغرسه الأجنبي في خاصرة وطنه؟!، سؤال أطرحه على نفسي في كل مرة أجد فيها مواطنا يسهم في تشويه صورة وطنه لدى مؤسسات سياسية أو منظمات حقوقية أو وسائل إعلام أجنبية !

الإشكالية عندي لم تكن يوما في عدالة أو عدم عدالة دوافع الشخص المتواصل مع هذه الجهات الأجنبية في تحريضها تجاه قضايا داخلية أو تزويدها بمعلومات سلبية، بقدر ما كانت في أن هذه الجهات لم تكن يوما مثالية في تعاطيها مع القضايا الحقوقية والإنسانية والسياسية والاجتماعية والثقافية لمجتمعات العالم الثالث، أو مدفوعة بالقيم الأخلاقية والمثل النبيلة، بقدر ما كانت عبر التاريخ مجرد أدوات ضغط ناعمة تمسك بها أيدي مصالح خشنة لحكومات تسعى لفرض هيمنتها السياسية وتحقيق مصالحها التجارية، تنادي بحق الشعوب في الحياة الكريمة، في الوقت الذي تتلطخ فيه أياديها بدماء أبرياء تلك الشعوب في الحروب !

ولأن الأمر لا يخلو من انجذاب وهمي للهوية الأجنبية وانبهار بالثقافة الخارجية، واختناق واقعي بالهوية الوطنية وضيق بالثقافة المحلية، فإن هؤلاء المنجذبين للأجنبي وخدمته اليوم لا يختلفون كثيرا عن نماذج تبعية في أزمنة سابقة دارت في فلك المستعمر ظنا منها أن هذا يمنحها الهوية المفقودة وينتشلها من عقدة الهوية الواقعية، لكنها في الحقيقة لم تنل سوى احتقار المستعمر ونبذ الوطن، لتحتل في النهاية موقعا منبوذا ينتهي بها إلى مجاهل اللاهوية !.