كلمة الاقتصادية

تترقب السوق النفطية العالمية باهتمام بالغ، التراجع المتوقع للصادرات النفطية الإيرانية، في أعقاب القرار الأمريكي الأخير بخنق النظام الإرهابي في إيران نفطيا؛ أي تضييق الخناق عليه ماليا، بغية إيقافه عن أعماله الإرهابية الطائفية على الساحة في المنطقة وفي العالم. 

ويرى البيت الأبيض، أن نظام الملالي هو الممول الأول للإرهاب في العالم، كما أنه أثبت المرة بعد الأخرى، استحالة الحوار معه، بعد أن حصل على الفرص على مدى عقود وليس سنوات. ومع تفعيل أكبر للعقوبات الأمريكية على إيران سيأتي دور الصادرات النفطية حيث انطلقت واشنطن على الساحة الدولية لتطلب من بقية البلدان التوقف عن استيراد النفط الإيراني، ما دفع بلدا كاليابان "مثلا" إلى البحث فعلا عن مصادر بديلة. 

وفي ضوء القرار الأمريكي المشار إليه، من المتوقع أن تهبط الصادرات النفطية الإيرانية بمقدار الثلثين مع نهاية العام الجاري، وهذا يعني أن السوق النفطية ستشهد تراجعا في المعروض، خصوصا مع وجود انقطاعات في الإنتاج في عديد من الدول، وهذا الأمر ليس جيدا بالطبع بالنسبة للاقتصاد العالمي، الذي يسعى إلى استكمال التعافي التام من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، كما أن المؤسسات الدولية حريصة على تأكيد ضرورة الحفاظ على مستوى النمو الاقتصادي عالميا، مع الإشارة إلى أنه يحقق مستويات مرضية حتى الآن. 

ووسط هذه الأجواء، لا شك أن خروج مصدر للنفط من السوق سيؤدي إلى أزمة ما. غير أن المشكلة تم حلها حتى قبل أن تبدأ، وذلك من خلال التزام المملكة بسد احتياجات السوق العالمية عن طريق رفع المستوى الإنتاجي لها. وهي بذلك تسهم مباشرة في استمرار وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، وفي الوقت نفسه تساعد على تضييق الخناق على نظام إيران الإرهابي الذي يسعى نحو المال ليس من أجل التنمية في بلاده، بل لنشر الإرهاب والخراب والفوضى محليا وإقليميا وعالميا. 

والحق أن هذه مسؤولية عالمية؛ لأنه لا مناص من وقف هذا النظام، الذي رفض كل أشكال الحوار الإقليمي والعالمي، باستثناء تلك الحوارات التي يحب أن يجريها مع الأوروبيين الذين لا يزالون يعتقدون إمكانية إصلاح نظام جلب الويلات لشعبه، قبل أن يجلبها لغيره من الشعوب. 

من المرجح أن يهبط الإنتاج النفطي الإيراني في أعقاب بدء سريان العقوبات عليه إلى 700 ألف برميل يوميا، وستتجه أغلب هذه الصادرات إلى الصين. وهذا المستوى من الإنتاج يجعل الموقف السعودي المسؤول ضروريا للعالم أجمع، خصوصا أن المملكة تقود في الواقع استراتيجية التوازن النفطي على الساحة العالمية منذ عقود، وهي التي تقوم حاليا برعاية اتفاق خفض الإنتاج للوصول إلى مستويات سعرية عادلة، وإمدادات وافرة تتناسب مع حجم الطلب العالمي، ولذلك لا خوف من أي نقص في هذا المجال، بل على العكس تماما، السعودية قادرة على سد أي احتياجات نفطية. 

والشيء اللافت هنا، أن أغلبية بلدان العالم قبلت مبدئيا المطالب الأمريكية الخاصة بالتوقف عن شراء النفط الإيراني. حتى الصين يمكن أن تتراجع عن قرارها بمواصلة استيراد هذا النفط، إذا ما توصلت إلى تفاهمات مع واشنطن بشأن الرسوم الجمركية وغيرها من القضايا التجارية العالقة بين الطرفين. نحن أمام تحول جديد على الساحة النفطية العالمية، لكنه ليس حالة سيئة أو خطيرة، طالما أن السعودية تقوم بدورها العالمي المسؤول.