محمد بن عبدالرحمن البشر

إيران في الأيام القريبة القادمة ستواجه مشكلتين كبيرتين لابد أن يكون لهما تأثير على استمرار الحكم القائم هناك، أحدهما المقاطعة الأمريكية، والثانية الشعب الإيراني، وهما مرتبطتان ببعضهما.

حكام إيران يعلمون يقيناً أن الولايات المتحدة الأمريكية قد إتخذت قراراً بالانسحاب من الاتفاق النووي، وستعود إلى المقاطعة الكاملة قريباً كما كانت سائدة من قبل، وهذا يعني أن إيران لن تستطيع شراء الكثير من احتياجاتها الضرورية، فلن تستطيع شراء الطائرات الأمريكية، أو معدات النفط، أو غيرها كثير، كما أنها لن تستطيع شراء قطع الغيار اللازمة، وهناك العديد من الشركات العالميه المنتشرة في أصقاع الأرض لن تضحي بما لديها من علاقات ومصالح مع الولايات المتحدة في سبيل التعامل مع إيران، وهناك شركات عالميه استثمرت الكثير في السوق الإيراني بتوظيف العديد من الإيرانيين، وهي اليوم تواجه مشكلة كبيرة، لأنها لن تستطيع المغامرة والاستمرار مع السوق الإيراني في وقت تخسر فيه السوق الأمريكي وغيره من الدول التي سوف تحذو حذو الولايات المتحدة في هذا الشأن.

نحن نعلم يقيناً أن حكام إيران لن يستطيعوا إلغاء الاتفاقية النووية مع باقي الدول، وما نسمعه من تمنع وأخذ وعطاء، إنما هو من باب الحصول على أكبر قدر ممكن من الضمانات، وإلاّ فإن الأمر محسوم من قبلها، بأي ثمن كان.

في الفترة الأخيرة أخذ حكام إيران يتفاوضون مع الأوروبيين على ما بعد مقاطعة الأمريكية، فطالبوا الجانب الأوروبي بأن يكون دفع قيمة النفط باليورو بدلاً من الدولار، لأنهم يعلمون أن المصارف لا تستطيع التعامل مع إيران بالدولار، والمشكلة أن تلك المصارف التي تتعامل مع إيران سوف تواجه مشاكل مع الولايات المتحدة، ولا يمكن لأي مصرف في العالم أن يستغني عن التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، فالدولار سيد العملات في العالم، والنفط تتم دفع قيمته بالدولار، والتجارة العالميه في أغلبها بالدولار، والعقود في الغالب بالدولار لهذا فتجاوزه صعب جداً.

حكام إيران طلبوا من الإتحاد الأوروبي أن يسمح لهم بسحب ثلاث مائة مليون يورو نقداً من المصارف الأوروبية، وهذه المبالغ سوف يستخدمها حكام إيران في تمويل ميليشياتها في المنطقة، ودفع مبالغ لأعوانها في كل مكان، إضافة إلى شراء بعض قطع الغيار وغيرها من السلع بطريقة غير قانونية.

إيران بدأت بالاتصال مع دول أخرى للاستثمار في نفطها، لأنها تعلم أنها سوف تعاني من تدهور في حقولها، وستواجه صعوبات جمة في الحصول على بعض قطع الغيار. هذه الصعوبات المالية سوف تؤثر تأثيراً كبيراً على الاقتصاد الإيراني الذي يواجه في الوقت الحالي الكثير من الصعوبات، فقد هب الشعب الأيراني مطالباً بتحسين وضعه، وتوفير لقمة عيشيهم وبعد تنفيذ الإنسحاب والمقاطعة سيكون الشعب الإيراني في أسوأ حال، ولن تنفعه بالونات الإيدولوجيا والتي ترسخ لديه أن هذه مجرد وسيلة لبقائهم على كرسي الحكم، وأن ذلك لاستخدام القديم والمستمر لن يعد يجدي نفعاً، مع توسع الآفاق، ومساحة الاطلاع والثقافة لدى الشعب الإيراني الذي أخذ في تعليم نفسه، وتلمس مصادر المعلومة الحقة من خارج نطاق الإعلام الإيراني الرسمي.

الشعب الإيراني ليس في منأى عن دول المنطقة وخارجها، والتي قام في بعضها الشعب مطالباً بتحسين الخدمات الأساسية، وهي الضعيفة في إيران، والتي سوف تزداد سوءاً بعد تنفيذ المقاطعة. إنها مشكلة حقيقية ومتوقعة سوف يواجهها حكام إيران، وليس لديهم من وسيلة لمواجهة شعب يطلب بحقه في العيش الكريم، فلن يشبع بطنه، ولن يكسو جسمه، ولن يبل عطشه، أيدولوجيا يترنم بها حكام إيران.

الإيرانيون يشاهدون ما ينعم به أبناء الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية من خير وأمن وطمأنينة، وسوف يطالب الشعب الإيراني بمثل جيرانه.. حفظ الله بلادنا وقيادتها من كل مكروه.