عبدالله ناصر الفوزان

شاهدت مقابلة مع مهاتير تعطي المتأمل فرصةً للإجابة عن بعض الأسئلة التي تكاثرت بعد عودته اللافتة بعد أكثر من خمسة عشر عاماً وبلوغه الثالثة والتسعين.

كانت تلك العودة قد حيرتني وحين علمت بالمقابلة سعيت لمشاهدتها وقد لفت نظري ابتداءً قوله إنه عاد استجابة لمطالبات له بالتدخل بعد تزايد حالات الفساد وأنه وجد نفسه مجبراً للقيام بدور رائد في السياسة، وأراد أن يؤكد فساد نجيب عبدالرزاق فقال إن النائب العام عندما أراد اتهامه أقاله وجاء بغيره.

ولأن هذا يعني إقراراً من مهاتير بعدم استقلال القضاء، فقد سأله مدير الحوار قائلاً: إن النظام مازال هو نفسه ولذا قد تفعل أنت ما فعله عبدالرزاق، وكانت إجابة مهاتير لافتة فلم يقل إنه سيسعى لتعديل النظام بحيث يوفر الاستقلالية للقضاء بل قال إنه لن يفعل ما فعله نجيب بل كعادته سيحترم استقلال القضاء، واكتفى بتلك الإجابة فأعطى الانطباع بأن النظام سيظل يعطي الفرصة للساسة للتلاعب بالقضاء.

ثم سأله مدير الحوار عن سبب تعاونه مع أنور إبراهيم وإصدار عفو عنه وإخراجه من السجن وتمكينه من العمل السياسي ليكون الرجل الثاني وخليفته القادم مع أنه (أي مهاتير) هو الذي أزاح أنور من السلطة ووجه له التهم وأودعه السجن فكانت إجابة مهاتير لافتةً أيضاً إذ قال: إنه وجه التهم لأنور وحوله للقضاء بناء على تقارير الشرطة، والقضاء حكم عليه، ثم أضاف ما هو أهم فقال إن سبب تعاونه مع أنور ثم العفو عنه أنه لم يكن هناك إمكانية لهزيمة عبدالرزاق في الانتخابات إلا بهذا التعاون لشعبية حزب أنور، وقال إنه لما كانت هزيمة نجيب مقدمة على خلافه السابق مع أنور فقد تعاون معه، أما اختياره نائباً وخليفةً له فقال إن هذا شرط أنور، وحينئذ سأله مدير الحوار فقال: إنك وعدت بالتنازل لأنور بعد سنتين فما الذي يضمن أن تقوم بهذا فكانت إجابة مهاتير لافتةً كذلك إذ كتفى بالقول إني بعد سنتين سأبلغ الخامسة والتسعين ولم نسمع عن كثيرين ممن بلغوا هذا العمر كانوا رؤساء وزارات.

هذه هي أهم إجابات مهاتير المتعلقة بالموضوع المطروح وهي قد تعطي الفرصة للقارئ ليستنتج الإجابات عن أسئلته، والذي فهمته أو استنتجته أن إجاباته ما عدا الأخيرة تقدم مهاتير القديم.. مهاتير النموذج.. مهاتير العنفوان.. أما الإجابة الأخيرة التي حددت البقاء بسنتين فتقدم مهاتير الجديد.. مهاتير الواقع الذي غيرته السنين.

منذ عشرين عاماً كان هناك مهاتير وأنور.. والآن عادت نفس الصورة.. مهاتير وأنور.. لكن ربما بحال جديد.